الورد قد قال لّما أن أتيتكم ... ضيفا وفضلي عليكم غير ملتبس
(١٥٠) جعلتم فيض روحي نصب أعينكم ... ظلما ولم تقنعوا أن تأخذوا نفسي
وقال:«١»[الطويل]
ولم أنس قول الورد والنّار قد سطت ... عليه فأمسى دمعه يتحدّر
ترفّق، فما هذي دموعي التي ترى ... ولكنّها نفس تذوب فتقطر
وحكي أنّ رجلا دعاه إلى بستان نازح، ومكان لا يسمع ضيفه صوت نابح، بعيد من القرى والقرى، ما فيه للطارق إلا الحديث والمناح في الذّرى، فبات عنده بسوءة الحال. فلمّا أصبح شمّر للارتحال، فأركبه المضيّف له فرسا قصيرا، لا يحسن له مصيرا، فقال:[الطويل]
وما أنا إلا راحل فوق ظهره ... ولكنّني فيما ترى العين فارس
فقال له ذلك المضيّف، وكان جاهلا لا يتقلّب بين الناس والرّجا، ولا يفرّق بين المديح والهجا: هبك قلت هذا، ماذا يكون؟ فقال ولم يفصل بين كلاميهما سكون:[البسيط]
لا تحتقر بقليل الشّرّ إنّ له ... زيادة كضرام النّار بالقبس
وحكي أنّه كان يهوى غلاما يهيم بوعده، ويصلى النّار ببعده. وطالما قعد ينتظر منه موعدا أخلفه، وقد قدّم له الوعد وأسلفه، فإذا عتب قال: نسيت. وإن كان لا ينسى ولا يأسف عليه ولا يأسى، فقال:[الطويل]
مدحي الذي نسيانه صار عادة ... وأفرط حتى كاد يعدمه الحسّا