وناعورة شبّهتها حين ألبست ... من الشّمس ثوبا فوق أثوابها الخضر
بطاووس بستان يدور وينجلي ... وينفض عن أرياشه بلل القطر
وحكي أنه كان قد واعد صديقا أن يخرج معه غازيا، ثمّ قعد وانطلق صديقه غاديا، وذلك لأنّه لم يتقدّم له عليه حقّ يسلّفه، ولا ضرب له موعدا لا يخلفه، ثم كتب إليه يعتبه، وحمّله من أثقاله ما يتعبه، فكتب إليه:[الطويل]
رأيتك إذ ألزمتني الذّنب ظالما ... وذنبك بين النّاس قد شاع واشتهر
كقلب الذي يهوى يعذّب دائما ... ولم يجن ذنبا إنّما الذّنب للبصر
(١٤٧) ثمّ لّما فقد ذلك الصديق، وقابل عذره بوجهه الصّفيق، جعل يذكر مواقف غزاته، والاعتداد بمجازاته، فقال:[الطويل]
أتفخر إذ طاعنت خيلا مغيرة ... فوارسها يوم الوغى ما لها ذكر
وفاتك أنّي طول عمري لم أزل ... أطاعن خيلا من فوارسها الدّهر «١»
وحكي أنّه خرج يوما إلى الصحراء، وقد تجلّت الأرض بالبيضاء والصفراء، وعيون النّرجس محدّقة. الفضاء مجال خيله. فألفى به غلاما كان له. كان له أيّ مسعد وافاه على غير موعد، فأنزل القبل بساحة خدّه، وأطال في ذميل العناق إليه ووخده «٢» ، وقال، وجيوب الشّفق مشقّقة، والنّسيم يتعثّر بذيله، ويوسع في ذلك:[الكامل]
لو لم أعانق من أحبّ بروضة ... أحداق نرجسها إلينا تنظر