للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما درت فيها جانبا إلّا رأت ... عيناي فيها جنّة وحريرا

وفي المركب بمينائها يقول: [الكامل]

انظر إلى قطع المراكب إذ بدت ... والماء يعلو حولها ويدور

مثل السّحائب لا يفرّق بينها ... نظر وكلّ بالرّياح يسير

وحكي أنّه مات له يوم مطر صديق بكاه، وأغرى بدمعه السّحاب فحكاه (١٤٦) فقال: [الطويل]

بروحي الذي جاء الغمام يعوده ... فصادفه نحو المنيّة قد سرى

فما زال يبدي حرقة وتنهّدا ... ويبكي إلى أن بلّ من دمعه الثّرى

وحكي أنّه كان قد علق غلاما توقّدت نار وجنته، وحلت مجاجة شفتيه، فأتاه ليلة أثر مدام، دقّق غزل مقلتيه، وشوّش سالفتي طرّتيه، وفي يده شمعة، أزهر منها شمعة خدّه، وأرشق منها قامة قدّه، فلمّا رآه مقبلا وثب وقبّل قدميه من كثب، ثمّ قال بديها فيه وفيها: [الكامل]

عجبا له أنّى يزور بشمعة ... وضياؤه أبقى الظّلام نهارا

لمّا رأته ووجهه أبهى سنا ... منها أسالت دمعها مدرارا

وغدت لفرط الغيظ تعطي كل من ... وافى ليقطع رأسها دينارا

وحكي أنّه خرج يوما بحماة يتفسّح في الصّحراء، والرّبيع قد طلع في حلّته الخضراء، حتى أتى النّاعورة الكبرى، والغروب قد جرى على النّهر تبرا، ونهر العاصي في تلك العشيّة قد موّهت كؤوسه، وذهبت نجوم فواقعه شموسه، فقال يصف النهر: [الطويل]

ونهر إذا ما الشّمس حان غروبها ... عليه ولاحت في ملابسها الصّفر

رأينا الذي أبقت به من شعاعها ... كأنّا أرقنا فيه كأسا من الخمر

<<  <  ج: ص:  >  >>