للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالرّوض إذ جادت عليه السّما ... والبعد ما بينهما ظاهر

فلمّا أتى دمشق وحلّها، واستطاب دون البلاد محلّها، ورأى النّيّرين وقد أشرق له فيهما نيّر البين، وهبّ إليه ذلك الرّيا، ووقف على مجرى النهر في الدّوح، تحت أغصان الثّريا قال: «١» [الطويل]

سقى الله وادي النّيّرين فإنّني ... قطعت به يوما لذيذا من العمر «٢»

درى أنّني قد جئته متنزّها ... فمدّ لأقدامي بساطا من الزّهر

وأوحى إلى الأغصان قربي فأرسلت ... هدايا مع الأرواح طيّبة النّشر

وأخدمني الماء القراح فحيث ما ال ... تفتّ رأيت الماء في خدمتي يجري «٣»

ثمّ خرج يريد مصر في بكرة يوم من أيّام الرّبيع، قد جاء فيه النّسيم بريح الجنان مخبرا، وتأجّج الشّفق نارا تحرق من الطّيب عنبرا، وقد ألقى أبيض الغيم على محمرّه ذيله الفضفاض، وآناء الصّباح قد امتلأ من ندى الطّلّ وفاض، فقال: [الكامل]

للغيم في شفق الأصائل منظر ... يلهي برونق حسنه من أبصرا

لا غرو إن طاب النّسيم وأفقنا ... نار مؤجّجة تحرّق عنبرا

ثمّ سار أمام كلّ سريّة، حتى أتى الإسكندرية، وهي صنعاء البلاد، وذات الحلل لا البجاد، لا يتجاوزها الأمل، ولا يعدّ ما فيها من حسن التّفاضيل والجمل. فلمّا تمتّع بتحبيرها وتحريرها، وتنعّم في جنّتها وحريرها قال: [الكامل]

لمّا قصدت سكندريّة زائرا ... ملأت فؤادي بهجة وسرورا

<<  <  ج: ص:  >  >>