للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاعتبار، أمر تعم الأمة منافعه، وتتم به بركات الرزق الذي تدر بالتقوى منابعه، ويزال به الغش عن الأمة في الملابس والمطاعم، ويذاد به البخس في المكيال والميزان اللذين هما من أظهر المضار وأخفى المظالم، وتراعى به الهيئات الدالة على إتمام المروءة وإكمالها، وتدحض به النقائص التي تنتقد على أرباب المكانات في أقوالها وأعمالها؛ ولما كانت الحسبة هي الأمر الذي اشترك عموم نفعه، والمعنى الذي نبه على حصول الاضطرار إليه في إباحة الشيء ومنعه، والسبب الذي يحسم به مواد الأذى في التعرض إلى البيوع الفاسدة، والإقدام على مزج الأقوات النافقة بالكاسدة، والتحرز من الغش في الأشياء التي لا يترك صانعها هو وأمانته، ولا يقنع منها بسوى اليقين، وإن غلبت على واضعها عفته وصيانته، فإن البلوى بها قد تعم، والحزم بها في ترك التقليد؛ وإذا كانت الأفراد لا تظهر مع الهيئة الاجتماعية، فبين من يتحراها بالمباشرة، وبين من يتلقاها بالقبول، بون بعيد؛ فلذلك يتعين أن يكون مباشرها ممن هدته العلوم الدينية إلى ما يعتمد من مصالح لا يخرج فيها عن حكمها، وحدته القواعد الشرعية إلى ما يستند إليه فيها من عوائد لا يعدل بها عن وسمها الشريف ورسمها.

وكان فلان هو معنى هذه الألفاظ المجملة، وسرّ هذه المقاصد التي كان يحتاج إيضاحها من ذكره إلى التكملة، وبتجاربه للفضائل قوة في الحق لا تستفزها الرقى، واستقامة في الإنصاف لا تميلها الأهواء عن سنن التقى؛ ورسم بالأمر الشريف أن يفوض إليه نظر الحسبة الشريفة، تفويضا يمضي حكمه في مصالحها، ويجمل نظره في داني الأمور ونازحها؛ فليفعل في ذلك ما تقتضيه هذه الرتبة من منع احتكار، وقطع أسعار، وتفقد ما يصنع من منسوج ومرقوم ومشروب ومطعوم ومجلوب ومخزون ومكيل وموزون ومعدود ومذروع وباق على هيئته ومصنوع، ويجعل لذلك حدا في الجودة معلوما، وقدرا في القيمة

<<  <  ج: ص:  >  >>