الجهاد واستطاعتهم، فإنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وتقربوا بالجهاد في سبيله إليه، ولا يدع بالثغر مملوكا نصرانيا، فإنه يطلع على الأسرار، ويتطلع إلى الكفار، ولعبد مؤمن خير من مشرك، أولئك يدعون إلى النار.
ومنه قوله: وينهي أنه أرسل طيها قصيدة تنوب عن حضوره، وتعتذر لقصوره، وتنبئ عن مساهمة خاطره لخاطره الكريم في مساءته وسروره:[الطويل]
ومن سر أهل الأرض ثم بكى أسى ... بكى بعيون سرّها وقلوب
ولما سام المملوك قلمه السعي في ذلك، مال إلى النفور، وجنح وقال:
ما عادتي أن أسعى إلى هذا الجناب الشريف إلا في التهاني والمدح؛ فقال له المملوك: إن مساء تلك المساءة أوجب أجرا، واستقبل من المساء فجرا؛ فكتب ما يقف الخاطر الشريف على مضمونه، ويتحقق به أن لمضمار حقه مدى تقف جياد القرائح من دونه.
ومن قوله: يقبل الأرض رافعا مجاب الدعاء، فاسحا مجال الولاء، ناشرا على أعطاف الطروس حلل الثناء، مبشرا نفسه والمسلمين، بما منّ الله به من قدوم مولانا تحت ألوية الظفر والنصر، محبوا بيمن العزمات التي قسمت أعداء الله وبلادهم بين الحصد والحصر، متوسلا إلى الله تعالى أن يجعل عزماته المرهفة في سبيل الله، حيث سلكت ملكت، وسيوفه المجردة على أعداء الله، أين سفرت من الغمود سفكت.
ومنه قوله من توقيع حسبة: وبعد، فإن أولى ما أنعم فيه نظر الاختيار، وأمعن فيه تدبر الارتياد