للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بوابل، وأوقعهم من النكال في كفة حابل، فاقتضت الآراء الشريفة أن يزداد أمره تمكنا، وقدره تحليا بالنعمة وتزينا، وسره استقرارا بعلو رتبته وتوطنا، وثغره تحسبا، بما افترّ من النعمة وتحصنا، ولذلك رسم بالأمر الشريف، لا زالت الثغور بمهابته تبتسم، والجنود تتحكم بسطواته في ذخائر العدى وتقتسم، أن نجدد له هذا التقليد الشريف باستمراره في النيابة بالبيرة على أجمل عوائده، وأكمل قواعده، لنهوضه في مصالح الإسلام والمسلمين بما أحصى الله ونسوه، وإجراء عليه بما ألفه سلفنا الطاهر من رشد كفايته وأنسوه، ولأنهم غرسوه في هذا الثغر لتنتمي به المصالح، ويتعين أن يتعاهد بالإحسان سقيا ما غرسوه؛ فليتلق هذه النعمة بباع الشكر المديد، ويبرق بعلو الهمة إلى المزيد من فضل الله عليه، فإن لديه المزيد، ويجرد على من جاوره من العدى سيف عزمه، فإن نصر الله بأسيافنا أقرب إليه من حبل الوريد، ويجعل سراياه طلائع جيوشنا المنصورة، فإنها قد تكون بأقصى الممالك، وما هي من الظالمين ببعيد، ويكون متيقظا للعدو في حال سكونه، فإنه قد يتحامل الجريح ويتحرك الذبيح، والحازم من تراه في الأمن في درعه «١» ، فلا تبدو ليلة إلا وهو لها متيقظ في العدو وإن غفل، مشمّرا له عن ساق العزم وإن أسبل ملابس غروره ورفل، فإنه إذا فعل ذلك لم يلحقه ندم ولا لوم، والخاسر من جلبت عليه تعب سنة راحة يوم، وليكن وله من الكثافة في كل فريق فرقة ناجية، ومن القصاد بكل طريق عصبة بأسرار القلوب مناجية، ليعلم ما يأتي وما يذر، وإذا لم يأت بعدوه حراك فما يضر مع الأمين مبيته على حذر، وليضم الأطراف التي يطمع العدو بها في فرصة يختلسها أو دنية يفترسها، وليتعاهد منه رجال الثغر بالإحسان الذي يؤكد طاعتهم، ويجرد قوتهم في

<<  <  ج: ص:  >  >>