العدو الذي أملى له أن حركته حركة الذبيح، وجمعه الذي ألفه الشيطان بغروره للتكسير لا للتصحيح، وتضاعف شوقه إلى الجناب العالي في ذلك الموكب الذي أخذ فيه الأولياء من المسرة بأوفى القسم وأوفر النعم، ورفلوا فيه في مطارف الحبور، واتخذوه بينهم عيدا سموه عيد السرور، وقد عجلنا بإعلامه بذلك لعلمنا بمحبته الصادقة، وموالاته التي هي بمحض الصفاء ناطقة، ولأنّا نعلم مضاعفة سروره بها، وأدائه نذور الشكر بسببها، فليسر الأولياء بإشاعتها، وتتقدم بضرب البشائر في وقتها وساعتها؛ والله تعالى يضاعف إقباله، ويبلغه من النعم أمنيته وآماله.
ومنه قوله في تقليد لنائب البيرة «١» بالاستمرار: وعلم العدو أنه الندب الذي كثرت في سبيل الله أيامه، وما قصده العدو إلا وتمنى الذهاب، وحث للهرب الركاب، وقنع من الغنيمة بالإياب، وولى جمعهم الأدبار، ولم يعد إلى أهلهم سوى الأخبار، وما أقدموا عليه إلا وقد جعل الرعب من بين أيديهم سدا، ومن خلفهم سدا، فهم لا يبصرون، وما قاتلوه بعد ما قابلوه إلا أن الله طمس على قلوبهم، وإخوانهم يمدونهم في الغيّ ثم لا يقصرون، وكم أرسلوا في أيامه إلى الثغر السوابق، فضرب بينهم بسور، وطارت إليهم من كنانة بأسه حمام الحمام بأجنحة النسور، وسرت سراياه في بلاد العدو فسبقها الرعب إليهم، وأحاط النهب بما لديهم، واستولى عليهم الذعر حتى صاروا يحسبون كل صيحة عليهم، واطلع على خفايا أحوالهم، فما أجمعوا أمرا إلا وعلموا به إذ يأتمرون، ولا مكروا مكرا إلا أظهره الله عليهم، والله أعلم بما يمكرون.
وكان فلان هو الذي ما شام معه العدو بارقة ثغر إلا وأمطرتهم «٢» من الوبال