للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشامية بقوله سبحانه وتعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً

«١» : [الوافر]

سديد الرأي لا فوت التأني ... يلم به ولا زلل العجول

يعيب مضاءه وقفات حلم ... كعيب المشرفية بالفلول

وقد كان العدو المخذول يظن أنه يركن إلى الإحجام، ويتربص الدوائر والعرصات من سهام الأيام، فأخلف الله ظنه، وعجل هلاكه، وضعفه ووهنه، وتحقق أنه الطود الذي لا يلتقى، والسور الذي أحاط بالشام فما إن يتسوّر ولا يرتقى، فأجفل إجفال الظليم، وطلب النجاة لنفسه ولم يلو على مال ولا حريم، وحفظ الله تعالى بثباته الإسلام، ورفه خواطر أهل الديار المصرية، وصان أهل الشام، وعادت العساكر المصرية إلى بلادها، عود الصوارم إلى أغمادها، والأجفان إلى رقادها، والجنوب إلى مهادها، وافتدى بالسلطان الشهيد قدس الله روحه كما مضى وسبق، وجاءت النصرة بحمد الله تعالى كما أراد لا كما اتفق، وأصبح وأمسى يثني عليه عدوه، فيقول حاسده: صدق؛ وبدل الله المسلمين بالأمن بعد الأوجال وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ

«٢» . وكان من خبر كذا وكذا.

قلت: ولشهاب الدين محمود في معنى ذلك:

أما بعد حمد الله، ميسر أسباب النجاح، وجاعل قوائم العاديات في مصالح الإسلام كقوادم ذات الجناح، فهذه تطوى لها الأرض كما تطوى لذي الصلاح، وتلك يتسع لها مجال الفضاء كما يتسع لمرسلات الرياح، وربما تساويا في سرعة

<<  <  ج: ص:  >  >>