للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زالت ثمرة العجلة الندامة، وربما كانت الهلكة في العجلة، وفي التؤدة السلامة، وفي الثبات والأناة ما لا يحصر من أمر العواقب في سائر الحالات؛ وأسرع السحب في الجهام، وما الإقدام في كل أمر من الشجاعة، ولا الثبات من الإحجام: [البسيط]

والحرب ترهب لكن الأناة لها ... عند التأيّد أضعاف من الرهب

لا يا من الدهر بأس الجمر لامسه ... وقد يروح سليما لامس اللهب

والتسرع خرق، والأناة حلم ووقار، والتثبت دليل القدرة من الله عز وجل مثبت القلوب والأبصار، وفرق سبحانه وتعالى بين الشجرة الثابتة والشجرة التي ما لها من قرار.

وما كان الثبات في شيء إلا زانه، ولا التسرع في أمر إلا شانه؛ ومع العجل الزلل، ومع الزلل الخجل، ومع الخجل الوجل، ومع الوجل الخلل الجلل.

وللثبات وثبات وأي وثبات، وقليلا ما حصل النصر والظفر إلا بالكمين والبيات؛ وقد حكم الصادر والوارد، والمداني والشارد، وأقر المعترف والجاحد، واعترف الصديق والعدو والحاسد، وسار في الأقطار والآفاق، وبلغ من بمصر والشام والروم والعراق «١» : [الطويل]

وسار به من لا يسير مشمرا ... وغنى به من لا يغني مغردا

ما حصل للإسلام والمسلمين من الانتفاع، ولعدو الدنيا والدين من الوهن والضعف والاندفاع، بثبات المقر العالي الجمالي، كافل الممالك الشريفة الشامية، أعز الله أنصاره، ومقامه على المرج، مع قوة الهرج وكثرة المرج، وأنه قام بذلك للدين نصيرا، وللملك ظهيرا، وأخذ هو ومن أقام بخدمته من العساكر

<<  <  ج: ص:  >  >>