للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد قصد منه كريما لم تزل معاهد أكنافه معهودة، ومن مواهبه أن تكون قاصدة قبل أن تكون مقصودة؛ من يسأله غير درجات المعالي فقد قدح في مواهبه، وحط من مراتبه؛ أمسك المال وجعل حادث هلاكه في ضمن إمساكه، فلو حلف سائله أن يصافح السحاب لبر في يمينه بمصافحة يمينه، وليس هذا من المجاز الذي يتوسع في مقاله، بل هو من حقيقة القياس الذي يحمل على أشباهه وأمثاله.

ومنه قوله: وبأيديهم كل لدن شدته في لينه، وتمكن النصر منوط بتمكينه، فما منهم إلا من اعتقل ما يماثله قدا، ويناسبه جدا، فإذا مثلت شكولها وشكولهم قيل:

صعاد، في أيدي صعاد وإذا مثل غناؤها وغناؤهم قيل: أساود في أيدي آساد؛ ومن صفاتها أنها لا تنشد [إلا] إذا كانت قصائد، ولا تجور إلا إذا كانت قواصد، قد أدبها الثقاف من عهد فطامها، وكانت منابت التراب من شرابها، فأصبحت منابت الترائب من طعامها، فهذه هي الرماح التي تعلقها أيدي الأبطال، وتأوي منها إلى معاقل بذلك الاعتقال.

ومنه قوله:

مننّا عليهم من الأسلاب بالبيض القواطع، ليجعلوا حليها أساور في أيدي البيض ذوات البراقع «١» ، وحلية السيف لا تحسن إلا بكف يكون به ضاربا لا له حاملا، وإذا عطل في موقف الجهاد، فالأولى له أن يجعل عاطلا، فخفنا أن ينشدهم قول أبي العتاهية «٢» : [الهزج]

<<  <  ج: ص:  >  >>