والله يعلم نيتي للأحرار كافة، ولسيدي أدام الله عزه من بينهم خاصة؛ فإن أعانني على ما في نفسي بلغت له بعض ما في النية، وجاوزت به مسافة القدرة؛ وإن قطع عليّ طريق عزمي بالمعارضة، وسوء المؤاخذة، صرفت عناني عن طريق الاختيار، [بيد الاضطرار] : [الطويل]
فما النفس إلّا نطفة في قرارة ... إذا لم تكدر كان صفوا غديرها
«١» وبعد: فحبذا عتاب سيدي إذا استوجبنا عتبا، واقترفنا ذنبا؛ فأما أن يسلفنا العربدة، فنحن نصونه عن ذلك، ونصون أنفسنا عن احتماله عليه؛ ولست أسومه أن يقول: اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ
«٢» ، ولكنّي أسأله أن يقول: لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ
«٣» .
فحين ورد الجواب، وغير العذر رائده، تركناه بعرّه، وطويناه على غرّه، وعمدنا لذكره، فسحوناه، عن صحيفتنا ومحوناه، وصرنا إلى اسمه فأخذناه ونبذناه؛ وتنكبنا خطته، وتجنبنا خلطته، فلا طرنا به، ولا طرنا إليه؛ ومضى على ذلك الأسبوع، ودرجت اللّيالي، وتطاولت المدّة، وتصرم الشهر وصرنا لا نعير الأسماع ذكره، ولا نودع الصدر حديثه، وجعل هذا الفاضل يستزيد ويستعيد، بألفاظ تقطفها الأسماع من لسانه وتردّها إليّ، وكلمات تحفظها الألسنة من فمه وتعيدها عليّ؛ فكاتبناه بما هذه نسخته:
أنا أرد من الأستاذ سيدي- أطال الله بقاءه- شرعة وده، وإن لم تصف؛ وألبس خلعة وده «٤» وإن لم تضف؛ وقصاراي أن أكيله صاعا عن مدّ؛ فإني