فأخلف ذلك الظنّ كلّ الإخلاف، واختلف ذلك التقدير كل الاختلاف؛ وكان قد اتفق لنا في الطريق اتفاق، لم يوجبه استحقاق، من بزّة بزّوها، وفضة فضوها، وذهب «١» ذهبوا به؛ ووردنا نيسابور براحة أنفى من الراحة، وكيس أخلى من جوف حمار «٢» ، وزيّ أوحش من طلعة المعلّم، بل اطّلاعة الرقيب، فما حللنا إلا قصبة جواره، ولا وطئنا إلا عتبة داره؛ وهذا بعد رقعة كتبناها، وأحوال أنس نظمناها؛ فلما أخذتنا عينه سقانا الدّرديّ «٣» من أول دنّه، وأجنانا سوء العشرة من باكورة فنّه؛ من طرف نظر بشطره، وقيام دفع في صدره، وصديق استهان بقدره، وضيف استخف بأمره؛ لكن أقطعناه جانب أخلاقه، ووليناه خطة رأيه، وقاربناه إذ جانب، وواصلناه إذ جاوب، وشربناه على كدرته، ولبسناه على «٤» خشونته، ورددنا الأمر في ذلك إلى زي استغثّه، ولباس استرثه، وكاتبناه نستمدّ وداده، ونستلين قياده، ونستميل فؤاده، ونقيم منآده، بما هذه نسخته بعد البسملة:
الأستاذ أبو بكر، والله يطيل بقاءه، أزرى بضيفه إن وجده يضرب آباط القلة في أطمار الغربة، فأعمل في مرتبته أنواع المصارفة، وفي الاهتزاز له أصناف المضايفة، من إيماء بنصف الطرف وإشارة بشطر الكف، ودفع في صدر القيام عن التمام، ومضغ للكلام، وتكلف لردّ السلام؛ وقد قبلت تربيته صعرا، واحتملته وزرا، واحتضنته نكرا، وتأبطته شرا، ولم آله عذرا؛ فإن المرء بالمال وثياب الجمال، ولست مع هذه الحال، وفي هذه الأسمال أتقزز صف النعال؛ فلو صدقته العتاب، وناقشته الحساب، لقلت إن نوادينا ثاغية صباح، وراغية رواح، وناسا