لا تحسن إلّا معها؛ وسأسوق بعون الله صدر حديثنا إلى العجز، كما يساق الماء إلى الأرض الجرز؛ فنبدأ فيها باسم الله عزّ وجلّ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم [ذهابا بالقصّة عن أن تكون بتراء، وصيانة لها عن أن تدعى جذماء؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «١» :] «كلّ خطبة لا يبدأ فيها باسم الله عزّ وجلّ فهي بتراء» . وخطب زياد خطبته البتراء «٢» . لأنه لم يحمد الله عزّ وجل ولم يصلّ على رسوله صلى الله عليه وسلم؛ وهذا مقام نعوذ بالله منه، ونسأله التوفيق للصّواب، بورده وبصدره.
نعم، أطال الله بقاء السيد، وأمتع ببقائه إخوانه؛ إن قعدنا نعدّ آثاركم ونؤدي مآثركم، نفد الحصر قبل نفودها، وفنيت الخواطر قبل أن تفنى المآثر؛ وكيف لا، وإن ذكر الشرف فأنتم بنو بجدته، أو العلم فأنتم عاقدوا بردته، أو الدين فأنتم ساكنو بلدته، أو الجود فأنتم لابسو جلدته، أو التّواضع صبرتم لشدته، أو الرأي صلتم بنجدته، وإن بيتا تولى الله بناءه ولزم الرسول صلى الله عليه وسلم فناءه، وأقام الوصيّ عليه السلام عماده، وخدم جبريل عليه السلام أهله، لحقيق أن يصان عن مدح لسان قصير؛ ونحن نعود للقصة نسوقها.
فأولها: أنا وطئنا خراسان، فما اخترنا إلا نيسابور دارا، وإلا جوار السادة جوارا، لا جرم أنا حططنا بها الرّحل، ومددنا عليها الطنب، وقديما كنا نسمع بحديث هذا الفاضل فنتشوقه، ونخبره على الغيب فنتعشقه، ونقدر أنا إذا وطئنا أرضه، ووردنا بلده، يخرج لنا في العشرة عن القشرة، فقد كانت لحمة الأدب جمعتنا، وكلمة الغربة نظمتنا؛ وقد قال شاعر العرب غير مدافع «٣» : [الطويل]