آثار القرن الثاني، وذلك هام بالنسبة لدراسة نشأة تفسير القرآن، خاصّة وأنّ الكتاب معزّز بوجود كتاب التفسير لابن سلاّم ذاته، فبطل بذلك قول من جعل كتاب الطبري أقدم أثر وصلنا في تفسير القرآن كاملا.
وما دام ابن سلاّم قد تأخَّر في التاريخ عن مقاتل إذ توفي ابن سلام سنة (٢٠٠/٨١٥) وتوفي مقاتل سنة (١٥٠/٧٦٧) فإن اتفاق كتابه مع أغلب كتاب مقاتل طريق لتوثيقه. فنُبعد بذلك عن مقاتل ما رمي به من الكذب، في هذا الكتاب على الأقلّ، ونزيد اطمئنانا لما ورد في كتاب التصاريف، وبالتَّالي لكلّ ما وصلنا من كتب ابن سلاّم.
أمّا من الناحية الفنية فإنّ كتاب التصاريف هام، لأنَّه طرق موضوعا من أقدم المواضيع التي وقع تناول النَّص القرآني بها. والغريب ان ابن النَّديم لم يخصص فقرة للحديث عن كتب الوجوه والنظائر، وقد أشار إلى عدة تآليف تتعلَّق بمواضيع قرآنية مختلفة كلغات القرآن، وغريب القرآن والتفسير الخ ...
وقد ذكّرنا قبل حين بأهمية موضوع هذا العلم فيما يتعلق بدراسة القرآن، دراسة لغوية من جهة، إذ هو يعمد إلى شرح الكلمات شرحا لغويا، ودراسة معجمية من جهة أخرى إذ هو يعمد إلى تجميع الآيات النظائر يعني المتفقة في اللَّفظ والمعنى. فهو خطوة أولى لوضع المعاجم تتطلب من صاحبها يقظة ذهن ومعرفة دقيقة بالقرآن وباللّغة معا.
وممَّا يدل على أهمية كتب هذا الفن أنَّه قد استمرَّ وجودها ولم يقْض عليها ظهورُ المعاجم اللّغوية. والسَّبب في ذلك أنَّه رغم اتفاق المعاجم اللّغوية مع كتب الوجوه والنظائر في أغلب المعاني الموجودة فيها، فإن هذه الكتب طغت عليها الصّبغة القرآنية. فربَّما وجدنا فيها معاني لا تتعرّض إليها كتب اللّغة، لأنَّها قرآنية محضة. نذكر على سبيل المثال تفسير كلمة:"الناس" التي جعل لها ابن سلاّم أحد عشر وجها، لم يذكر منها ابن منظور سوى وجه واحد. وكذلك كلمة "المشي".
وربما كان هذا هو الذي أكسب كتب الوجوه والنظائر خصوصيتها، وإن شئت قلت: انعزاليتها، إذ لم نعثر في كتب التفسير أو في غيرها من كتب الدراسات