للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ختم هذا الدعاء بهذين الاسمين العظيمين أن المطلوب تكريم الله لنبيه، وثناؤه عليه، والتنويه به، وزيادة تقريبه، وذلك مما يستلزم طلب الحمد والمجد، ففي ذلك إشارة إلى أنهما كالتعليل للمطلوب، أو هو التذييل له، والمعنى: إنك فاعل ما تستوجب به الحمد من النعم المترادفة، كريم بكثرة الإحسان إلى جميع عبادك" (١)، واقتران الحميد المجيد بيان أن الله محمود على مجده وعظمته وكمال صفاته، فليس كل ذي شرف محمود وكذلك ليس كل محمود يكون ذا شرف (٢).

• قوله: "اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد": المراد بالبركة: الزيادة من الخير، والكرامة، وهي شاملة للبركة في العمل والبركة في الأثر المترتب على هذا العمل. قال القاضي عياض : "معنى البركة هنا: الزيادة من الخير والكرامة والتكثير منهما، ويكون بمعنى الثبات على ذلك من قولهم: بركت الإبل، وتكون البركة هاهنا بمعنى: التطهير والتزكية من المعايب، … نبينا سأل ذلك لنفسه وأهل بيته؛ ليتم النعمة عليهم والبركة كما أتمها على إبراهيم وآله، وقيل: بل سأل ذلك لأمته ليثابوا على ذلك، وقيل: بل ليبقى له ذلك دائمًا إلى يوم الدين، ويجعل له به لسان صدق في الآخرين، كما جعله لإبراهيم" (٣). وقال الإمام ابن القيم : "والبركة: النماء، والزيادة، والتبريك: الدعاء بذلك، ويقال: باركه الله، وبارك فيه، وبارك عليه، وبارك له … فهذا الدعاء يتضمن إعطاءه من الخير ما أعطاه لآل إبراهيم، وإدامته، وثبوته له، ومضاعفته، وزيادته، هذا حقيقة البركة" (٤).


(١) فتح الباري (١١/ ١٦٣).
(٢) انظر: النهج الأسمى للنجدي (١/ ٤٣٤).
(٣) إكمال المعلم بفوائد مسلم (٢/ ٣٠٣)، وانظر: جلاء الأفهام للإمام ابن القيم (ص ٣٠٢).
(٤) جلاء الأفهام (ص ٣٠٢ - ٣٠٨).

<<  <   >  >>