للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأكمل، كان الحمد والحب أتم، وأعظم، والله سبحانه له الكمال المطلق الذي لا نقص فيه بوجه ما، والإحسان كله له ومنه، فهو أحق بكل حمد، وبكل حب من كل جهة، فهو أهل أن يحب لذاته، ولصفاته، ولأفعاله، ولأسمائه، ولإحسانه، ولكل ما صدر منه ، وأما المجد، فهو مستلزم للعظمة والسعة والجلال، والحمد يدل على صفات الإكرام، والله ذو الجلال والإكرام، وهذا معنى قول العبد: لا إله إلا الله، والله أكبر، فلا إله إلا الله دال على ألوهيته، وتفرده فيها، فألوهيته تستلزم محبته التامة، والله أكبر دال على مجده وعظمته، وذلك يستلزم تعظيمه، وتمجيده، وتكبيره؛ ولهذا يقرن سبحانه بين هذين النوعين في القرآن كثيرًا كقوله: ﴿رحمت الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد﴾ [هود: ٧٣] (١). وقال الحافظ ابن حجر : "وأما المجيد: فهو من المجد، وهو صفة من كمل في الشرف، وهو مستلزم للعظمة والجلال، كما أن الحمد يدل على صفة الإكرام" (٢).

وقال الإمام ابن القيم أيضًا: "ولما كانت الصلاة على النبي ، وهي ثناء الله تعالى عليه، وتكريمه، والتنويه به، ورفع ذكره وزيادة حبه وتقريبه، كما تقدم، كانت مشتملة على الحمد والمجد، فكأن المصلي طلب من الله تعالى أن يزيد في حمده ومجده؛ فإن الصلاة عليه هي نوع حمد له، وتمجيد، هذا حقيقتها، فذكر في هذا المطلوب الاسمين المناسبين له، وهما أسماء الحميد والمجيد، وهذا كما الداعي يشرع له أن يختم دعاءه باسم من الأسماء الحسنى مناسب لمطلوبه، أو يفتتح دعاءه به، وتقدم أن هذا من قوله: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها﴾ [الأعراف: ١٨٠] " (٣). قال الحافظ ابن حجر : "ومناسبة


(١) جلاء الأفهام (ص ٣١٦ - ٣١٧).
(٢) فتح الباري (١١/ ١٦٣).
(٣) جلاء الأفهام (ص ٣١٨).

<<  <   >  >>