للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاغها بعبارة الساحرة، وزانها بقالبه الجميل١، ولم يكن يتقيد إذ ذاك -بعبارات المؤلف ومعانيه.

ولهذه الطريقة حسنات أهمها أنها تمكن الناقل من إظهار ما لديه من شخصية، ومقدرة وعبقرية، ولكنها من الجهة الأخرى قد تخطئ الغرض الأصلي إذا كان الغرض نقل الأثر الغربي إلى اللغة العربية٢، فالقصص التي ينقلها "المنفلوطي" بهذه المثابة قد تبعد عن الأصل في ترجمتها، أما إذا اعتبرت من وضعه على أنه استعان بواضعها الغربي، فهي من جهده الذي يفاخر به.

وأيا ما كان فقد كانت القصص، والروايات التي تناولها "المنفلوطي" مرآة تنطبع عليها العيوب، والمآسي الخلقية والاجتماعية بأسلوب مؤثر وعبارة فصيحة، وإذا كنا لا نستطيع أن نقول: إن "المنفلوطي" في عصره كان أبرع القصاص، وأنبغ الرواتيين، فإنه لا ريب من خير من عبد هذه الطريق، ومن طلائع الذين أودعوا خيال الغرب، وذلك لا يعفيه من ضعف الأداء، والتحريف في التعبير أحيانًا.

المنفلوطي الناقد:

"المنفلوطي" إذا نقد الأحوال السياسية أو الشئون الاجتماعية، أو الأدبية أو تناول نقدا شخصيا بينه وبين مصاول كان بارع النقد لماح الفكر يعالج الموضوع في تحليل مستوعب، وإلمام شامل، ولا يجمح قلمه فيما ينقد، أو يتجاوز العفة والنزاهة، وتوخي الحق فيما يرى، وقد أثر عنه كرم القلم


١ مذكرة المرحوم الأستاذ محمود مصطفى في الأدب الأندلسي والمعاصر، وما بينهما ص٣٤٩.
٢ مجلة الهلال العدد الصادر في ١٢ من شعبان سنة ١٣٣٨هـ، أول مايو ١٩٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>