ومن الشعر الذي كان يجري على لسانه، ويستشهد به قول أبي العلاء المعري:
هذا كلام له خبئ ... معناه ليست لنا عقول
ومنه بيت عبد الله بن الزبير يريد مالكا الأشتر النخعي"
اقتلوني ومالكا ... واقتلوا مالكا معي
وقول البارودي:
خلقت عيوفا لا أرى لابن حرة ... علي يدا أغضى لها حين يغضب
ومنه هذه الشطرة:
بو بغير الماء حلقي شرق
وبقية البيت:
كنت كالغصان بالماء اعتصاري
ومن رأيه من الأدب أيضا أنه لما كتب العقاد في كتابه: "مراجعات" عن المنفلوطي، وفضل الكتاب على المنشئين قال "سعد": إن الإنشاء فيما يبدو له أعلى من الكتابة؛ لأن الإنشاء خلق وابتداع، ولا يشترط في الكتابة أن تكون كذلك فالمنشئ كاتب وزيادة، والكاتب يأتي بشيء من عنده، وقد يأتي ببضاعة غيره.
هذه آراء لسعد في البيان والأدب، وأوردناها لندل على أنه أديب لم يقتصر أدبه على ما ذاع من براعته، وتفوقه في الخطابة.
ومهما يكن شيء فإن سعدا أعان على أسباب النهضة الأدبية، فإنه حرك عواطف أمه، وأيقظ أفئدة شعب، واستنهض بثورته السياسية الأقلام والألسن، وجعل من الصحف أسفارا أدبية قيمة، فهذه صحف الوفد تدعو دعوتها، وتبسط رأيها، ويجري على صفحاتها أسلوب الأدباء والكتاب البارعين، وتلك هي الصحف المعارضة تساجل صحف الوفد، وتذهب في رأيها السياسي مذاهب، فيحتدم خلف في الرأي، وتشتد ملاحاة في الفكرة، ويتبارى في هذا المضمار أعلام الأدب والبيان، ويمتعك من كل فريق شعر شعرائه..