وقص قصة رجل كتب إلى صديق له رسالة مسهبة، ثم ختمها بقوله: "اعذرني من التطويل، فليس لدي وقت للإيجاز، ثم قال سعد:"إن هذا الاعتذار قد يبدو عجيبا لمن لم يمارس الكتابة، أما الذين مارسوها فهم يعلمون صعوبة الإيجاز وسهولة التطويل".
وذكرت أمامه المحسنات البديعية، والتهالك عليها فقال:"إن المحسنات حلية والشأن فيها كالشأن في كل حلية ينبغي أن تكون في الكتابة بمقدار، وإلا صرفت الفكر عنها وعن الكتابة، وعندي أن المقال الذي كله محسنات كالحلة التي كلها قصب لا تصلح للبس ولا للزينة".
وتحدث في مجلس ضم "حافظا والعقاد" و"صروفا"، ونخبة من أعلام الأدب فقال:"إن عيب صاحب هذا الكتاب كثرة الاستعارة"، ثم قال:"ما أظن صاحبه يريد ما يقول؛ لأن الذهن الذي يملك معناه عبارته بغير حاجة كثيرة إلى المجاز"، إنني أفهم الاستعارة للتوضيح والتمكن، ولكني لا أفهم أن تكون هي قوام الكلام كله، وكل استعارة عرفت وكثر استعمالها أصبحت كلاما واضحا، وذهبت مذهب الأفكار المحدودة؛ لأن الذهن يطلب الاستعارة ليستعين بها على التحديد، فإذا وصل إلى التحديد كان في غنى عن الاستعارة، وعن المجاز١.
أما حديثه عن الشعر والشعراء، فإنه مقل فيه؛ لأن نفسه لم تستجب للشعر روي عنه أنه قال:"إنما أحب الشعر السهل الواضح البين، أما الشعر الذي يحوجني إلى التنجيم فلا أستطيبه"، وكان يرى أن شعر الحكمة أفضل الشعر وأعلاه ويقرأ للمتنبي ويحفظ له أبياتا كثيرة، ويستشهد بها في بعض الأحاديث
١ روى عنه هذه الآراء الأستاذ العقاد، وأذاعها فيما كتبه في البلاغ الأسبوعي لسنة ١٩٢٧ بعنوان "آراء لسعد في الأدب".