للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب الأزمات المعروفة يقول: "إن صحة سعد باشا تتقدم على الأزمات" فقال "سعد" للصحفي: قل له "ربنا يطيل عمره".

وجاءه من أنصاره في أثناء احتدام الخلاف بين الوفد، وإحدى الحكومات فشكا إليه من أنهم فصلوه، ولم يجن ذنبا بعد أن قضى سبعة عشر عاما في منصبه، فابتسم سعد وقال: "وهل ذنب أكبر من ذلك"، أو لم تسمع بعذر الرجل الذي طلق امرأته بعد عشرة طويلة في صفاء ووئام؟ طلقها فراحت تشكوه، وتعتب عليه ما ذنبي يا فلان؟ أبعد خمسة وعشرين سنة تفعل هذا؟ قال لها: مهلا يا أم فلان هداك الله، وهل ذنب أكبر من خمس وعشرين سنة في عيشة لا تتغير؟

وقيل له: إن صحفيا ممن يهاجمونه مريض فسأل: ماذا أصابه؟ فقالوا: عسر هضم ومغص معوي١، فقال: لعله بلغ مقالة من مقالاته.

ومن بديهته التي كانت توائيه عفو الخاطر، ووحي الساعة أن خصومه كانوا يدسون عليه في المكان الذي يخطب فيه من يحدث الشعب في أثناء خطبته. وكان هذا الكيد عسير العلاج إذ إن الجمهور يحار في أمر الشاغبين، فلا يستطيع الضرب على أيديهم حرصا على روعة المقام، وجلال الموقف، وقد تمادى يوما أحد هؤلاء، وضاق الناس به ذرعا فأخذوا بتلابيبه، وهم مشفقون على هدوء الحفل ولا يدرون ما يفعلون، ولكن "سعدا" تساعفه البديهة، فيقول: "لا يضرب في بيتي"، ويترك مقام الخطابة، وفي اللمحة الخاطفة يفهم الناس، ويفعلون وينقطع كيد الشاغبين فلا يحاولون.

وقال لبعض الحاضرين في مجلسه عقب عودته من المفاوضة مع "مستر ما كدونالد"، ماذا تروننا صانعين في مواجهة الإنجليز؟ فقال أحدهم: الإضراب


١ المعي بالفتح وكإلى من أعفاج البطن وقد يؤنث، ج أمعاء، والعفج وبالكسر وبالتحريك، وككتاب ما ينتقل الطعام إليه بعد المعدة ج أعفاج قاموس، فكأنها منسوبة إلى "معي".

<<  <  ج: ص:  >  >>