للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الغاشية، وتلك الوحدة المجمعة، تألف الوفد المصري من أعلام الجهاد والوطنية، وكان "سعد" زعيم هذا الوفد ينفحه القوة من مضائه، والحكمة من بلائه، وكان يقول قبل نفيه من مصر بأسبوعين لا بد لنا من قارعة، وما هي إلا أيام قلائل حتى أعلن الإنجليز رغبتهم في تنقية الجو المصري من سعد، فنفي إلى "مالطة"، ومع نفر من أصحابه.

الثورة الجامحة:

سرى هذا النبأ فاندلعت الثورة في كل مكان، وفي كل وجدان، وكانت ثورة قومية انتظم في عقدها طلبة الأزهر والمدارس، وأفراد الشعب مسلمين ومسيحيين.

وبدأت السلطات تسرح "سعدًا"، وأصحابه فشخصوا باريس "مثوى مؤتمر الصلح"، حيث وافاهم أعضاء الوفد جميعا، ولما لم يلق هذا المؤتمر لقضية مصر بالًا عاد بعض الأعضاء، وبقي "سعد" في "باريس".

وفي سنة ١٩٢٠ شخص إلى "لندن"، ومعه بعض زملائه بدعوة من الحكومة البريطانية لمفاوضتها في المطالب المصرية، وكان الإنجليز ممثلين في لجنة يرأسها لورد "ملنر"، ولتشدد الجانب المصري في حقوقه لم تثمر هذه المفاوضات، فعاد الوفد إلى مصر، واحتفلت به الأمة "كأنها طائر مد جناحيه لا خلاف لشيء منه على شيء منه، بل كله على كله١".

وظل سعد مدوي الصوت موصول الثورة حتى اضطرت السلطة إلى نفيه ثانية مع بعض رفاقه إلى جزيرة "سيشل"، فلبثوا بها مدة نقل "سعد" بعدها إلى جبل طارق، وأطلق من معه فشخص هو إلى "فرنسا"، فمكث بها مدة، ثم


١ من مقال للمرحوم مصطفى صادق الرافعي في الرسالة العدد ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>