إذا كان الكلام يستمد قيمته من قيمة موضوعه، فتفسير القرآن من أجلِّ العلوم وأنفعها. وكلام الله في نفسه مبين، ميسر لكل طالب له إلمام بمتن اللغة فيما يتعلق بالألفاظ التي تبدو غريبة على المستعجمين ممن يعرفون العربية، وقد لا تزيد عن مائة لفظ.
بيد أن تراكيب الجمل فيها، وقابليتها لأكثر من احتمال؛ لما تمتاز به من عموم ومرونة، حتما أن يكون للقرآن تفسير، يعبر فيه المفسِّر عما انقدح في ذهنه، ولا يعني أن ماذهب إليه سُنَّة صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد قال الإمام أحمد: ثلاثة أشياء لا أصل لها: التفسير، والمغازي، والملاحم.
ذلك أن أهل السير وأصحاب الأخبار، أدخلوا أشياء في التفسير لا صلة لها به. وكذلك أدخلوا في السير كثيرًا من الأخبار الشاذة التي أثبت الواقع كذبها.
وإذا كان مدلول الخبر مستحيلًا، أو لا يتفق مع العصر الذى نُقل فيه؛ كان باطلًا.
ويعني رحمه الله: أنها لا تعتمد على حجج قاطعة؛ إلا ما أُثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قليل بالنسبة لما ينسب إليه، أو إلى ابن عباس وعلي وغيرهما.
ولما غلبت العجمة علينا أصبح التفسير ضرورة في حياتنا.
قال الراغب الأصفهاني: إن أشرف صناعة يتعاطاها الإنسان تفسير القرآن وتأويله؛ وذلك لأن الصناعة إنما تشرف بشرف موضوعاتها، أو بشرف أغراضها، وصناعة التفسير قد تحقق لها الشرف في الموضوع؛