لَا يَقْتَضِيهِ عَقْلٌ وَكَذَا قَتْلُ النَّفْسِ لِغَيْظٍ أَوْ غَضَبٍ فِي الْقَاتِلِ فَحَسُنَ بَعْدَ ذَلِكَ يَعْقِلُونَ وأما الثانية فلتعلقها بِالْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ وَالْقَوْلِيَّةِ فَإِنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ أَيْتَامًا يَخْلُفُهُمْ مِنْ بَعْدِهِ لَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يُعَامِلَ أَيْتَامَ غَيْرِهِ إِلَّا بِمَا يُحِبُّ أَنْ يُعَامَلَ بِهِ أَيْتَامُهُ وَمَنْ يَكِيلُ أَوْ يَزِنُ أَوْ يَشْهَدُ لِغَيْرِهِ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْأَمْرُ لَهُ لَمْ يُحِبَّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ خِيَانَةٌ وَلَا بَخْسٌ وَكَذَا مَنْ وَعَدَ لَوْ وُعِدَ لَمْ يُحِبَّ أَنْ يُخْلَفَ وَمَنْ أَحَبَّ ذَلِكَ عَامَلَ النَّاسَ به لِيُعَامِلُوهُ بِمِثْلِهِ فَتَرْكُ ذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ لِغَفْلَةٍ عَنْ تَدَبُّرِ ذَلِكَ وتأمله فلذلك نَاسَبَ الْخَتْمَ بِقَوْلِهِ: {لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فلأن تَرْكَ اتِّبَاعِ شَرَائِعِ اللَّهِ الدِّينِيَّةِ مُؤَدٍّ إِلَى غَضَبِهِ وَإِلَى عِقَابِهِ فَحَسُنَ {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} أَيْ عِقَابَ اللَّهِ بِسَبَبِهِ
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ: فِي الْأَنْعَامِ أَيْضًا: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ} الْآيَاتِ فَإِنَّهُ خَتَمَ الْأُولَى بِقَوْلِهِ: {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} وَالثَّانِيَةَ بِقَوْلِهِ: {لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} وَالثَّالِثَةَ بِقَوْلِهِ: {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} وَذَلِكَ لِأَنَّ حِسَابَ النُّجُومِ وَالِاهْتِدَاءَ بِهَا يَخْتَصُّ بِالْعُلَمَاءِ بِذَلِكَ فَنَاسَبَ خَتْمَهُ بِ "يَعْلَمُونَ وَإِنْشَاءَ الْخَلَائِقِ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَنَقْلَهُمْ مِنْ صُلْبٍ إِلَى رَحِمٍ ثُمَّ إِلَى الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَى حَيَاةٍ وَمَوْتٍ وَالنَّظَرُ فِي ذَلِكَ وَالْفِكْرُ فِيهِ أَدَقُّ فَنَاسَبَ خَتْمَهُ بِ "يَفْقَهُونَ" لِأَنَّ الْفِقْهَ فَهْمُ الْأَشْيَاءِ الدَّقِيقَةِ وَلَمَّا ذَكَرَ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ مِنْ سَعَةِ الْأَرْزَاقِ وَالْأَقْوَاتِ وَالثِّمَارِ وَأَنْوَاعِ ذَلِكَ نَاسَبَ خَتْمَهُ بِالْإِيمَانِ الدَّاعِي إِلَى شُكْرِهِ تَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ} حيث ختم الأولى ب "تؤمنون" والثانية ب "تذكرون" وَوَجْهُهُ أَنَّ مُخَالَفَةَ الْقُرْآنِ لِنَظْمِ الشِّعْرِ ظَاهِرَةٌ وَاضِحَةٌ لَا تَخْفَى عَلَى أَحَدٍ فَقَوْلُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute