للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

مكَّة، والمدينَة، وَإِيليا، ونَجْران" (١).

المدينَةُ: ومَدِينَةُ رسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، المدينَةُ مَأْخوذةٌ من فِعْلٍ مُمَاتٍ، وَهُوَ مدن بِمَعنىَ أقامَ، فَهِي فعيلَةٌ بِمَعْنَى فاعلة، أي: مُقيمَةٌ أهلها، أو بِمَعْنَى مَفْعُولة، أي: مُقَامٌ فيها. وقِيلَ مِنْ قولهم: دانَهُ يَدينُهُ إذا مَلَكَه، لأنَّ كُلَّ مدينَةٍ مَمَلُوكةٍ.

وقال أبو حاتمٍ في المدينة: هي مِن دانَ يَدِين، أَيْ: أطاعَ، سُمِّيَتْ بِها لأنَّ السُّلطَانَ يَسْكُنُها مِنْ بَينِ القُرَى وتُقَامُ لَهُ الطَّاعَةُ فيها، وهو أَمِينٌ مُطَاعٌ، قال تعالى: {فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ (٨٦)} (٢).

قال: ومنها قيل لكل قريَةٍ يَسْكُنها أَمِير القُرَى التي حولها مَدِينَةٌ، ومِنْهُ المدِينَةُ للأمَةِ المملُوكةِ، وقيل: سُمِّيَتِ الأمَةُ مَدِينة مِنْ دانَهُ: أذَلَّه، لأنَّ العَمَل أذَلَّها، فَهِي على هذا مَفْعَلَة، أَصْلُهُ مَدْيَنَةٌ، فَنُقِلت حَرَكةُ الياء إلى الدَّال.

والمدِينُ: العَبْد، والمدِينُ: الأسَدُ. وأَنا ابْنُ مَدِينتها، أي: عَالمٌ بِها كما يُقَال ابن بَجْدَتِها.

والمدينة: الحِصْنُ الذي يُبْنَى في أُصْطُمَّةٍ (٣) مِنَ الأرض إلى وسَطٍ أو شَرَف. والمدينة: أَبْيَاتٌ مُجْتَمِعَة كَثيرَةٌ تجاوِزُ القُرى كَثرةً وعمارةً ولم تَبْلُغْ حَدَّ الأمْصَار، وقيل: يُقَالُ لِكُلِّ مِصر مَدِينَةٌ، وقيل: يُحْتَمَلُ أنْ يكون اشْتِقاقُ المدِينَة مِن تَمَدْينَ، إذا تنعَّمَ وترفَّهَ، وَلَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لأنَّ تَمَدْيَن مُشْتَقة من المدينَةِ،


(١) رواه نعيم بن حماد في الفتن ق: ١٥٨. وهو منكر، وقد تحدث عن علله د. صالح الرفاعي في فضائل المدينة ص ٣٦٠ - ٣٦١.
(٢) سورة (الواقعة) آية رقم: ٨٦.
(٣) في الأصل: (أطمة)، وهو تحريف، والتصحيح من القاموس (مدن) ص ١٢٣٣، (صطم) ص ١١٢٩. والأصطمة: وسط الشيء.