للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "وقد اختلف العلماء في مرتكب الكبائر: هل يسمّى مؤمنا ناقص الإيمان أم لا يسمّى مؤمنًا، وإنما يقال هو مسلم، فليس بمؤمن؟ على قولين: وهما روايتان عن أحمد رحمه الله، فأمَّا من ارتكب الصغائر فلا يزول عنه إسم الإيمان بالكلية بل هو مؤمن ناقص الإيمان، ينقص إيمانه بحسب ما ارتكب من ذلك، والقول بأن مرتكب الكبائر يقال له: مؤمن ناقص الإيمان مروي عن جابر بن عبد الله، وهو قول ابن المبارك وإسحاق وأبي عبيد وغيرهم.

والقول بأنه مسلم ليس بمؤمن مرويّ عن أبي جعفر محمد بن علي (١)، وذكر بعضهم أنه المختار عند أهل السنّة" (٢).

وقال رحمه الله تعالى أيضًا: "وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ومن أصاب شيئًا من ذلك فستره الله عليه فهو إلى الله، إن شاء عذّبه، وإن شاء غفر له" (٣)، صريح في أن الكبائر من لقي الله بها كانت تحت مشيئته، وهذا يدلّ على أن إقامة الفرائض لا تكفّرها ولا تمحوها، فإن عموم المسلمين يحافظون على الفرائض، لاسيّما من بايعهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وخرج من ذلك من لقي الله وقد تاب منها بالنصوص الدالّة من الكتاب والسنّة على أن من تاب إلى الله تاب الله عليه وغفر له، فبقي من لم يتب داخلًا تحت المشيئة (٤).


(١) جامع العلوم والحكم (١/ ٢٨٩).
(٢) أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المدني، كان إمامًا مجتهدًا تاليًا لكتاب الله، كبير الشأن، عدّه النسائي وغيره من فقهاء التابعين، واتّفق الحفاظ على الاحتجاج به، توفي سنة ١١٤ هـ.
طبقات ابن سعد (٥/ ٣٢٠)، تذكرة الحفاظ (١/ ١٢٤)، والبداية والنهاية (٩/ ٣٢٧)، وتهذيب التهذيب (٩/ ٣٥٠).
(٣) تقدم تخريجه (ص ٣٢٠).
(٤) جامع العلوم والحكم (٢/ ٤٦).

<<  <   >  >>