المقام الذي أطلعت أزهارها غمائم جوده، واقتضت اختيارها بركة وجوده. لو علمنا أيها الملك الأصيل، الذي كرم منه الإجمال والتّفصيل، أنّ الثناء يوازيها، لكلنا لك بكيلك، أو الشّكر يعادلها ويجازيها «١» ، لتعرّضنا بالوشل «٢» إلى نيل نيلك، أو قلنا:
هي «٣» التي أشار إليها مستصرخ سلفك المستنصر «٤» بقوله: «أدرك بخيلك»«٥» حين شرق بدمعه «٦» الشرق، وانهزم الجمع واستولى الفرق، واتسع فيه والحكم لله الخرق، ورأى أنّ مقام التوحيد بالمظاهرة على التّثليث، وحزبه الخبيث، هو الأولى والأحقّ.
والآن قد أغنى الله بتلك النّيّة، عن إنجاد «٧» الطّوال الرّدينيّة، وبالدّعاء من تلك المثابة الدينيّة، إلى ربّ البنيّة، عن الأمداد السّنيّة، والأجواد تخوض بحر الماء إلى بحر المنيّة، وعن الجرد العربية في مقاود الليوث الأبيّة، فجدّد «٨» برسم هذه الهديّة، مراسم العهود الودّية، والذّمم الموحّدية، لتكون علامة على الأصل، ومكذّبة لدعوى الوقف والفصل، وإشعارا بالألفة التي لا تزال ألفها بحول الله «٩» ألف الوصل، ولامها حراما على النّصل.
وحضر بين يدينا رسولكم فلان فقرّر من فضلكم ما لا ينكره من عرف علوّ مقداركم، وأصالة داركم، وفلك إبداركم، وقطب مداركم، وأجبناه «١٠» عنه بجهد ما كنّا لنقنع من جناه المهتصر، بالمقتضب المختصر، ولا لنقابل «١١» طول طوله بالقصر، لولا طروء الحصر. وقد كان بين الأسلاف رحمة الله عليهم ورضوانه «١٢» ودّ أبرمت من أجل الله معاقده، ووثّرت للخلوص الجليّ النصوص مضاجعه القارّة ومراقده،