للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: حَدَّثَنا نُعَيْم بن حَمَّادٍ (١)، قال: حَدَّثَنا الوَلِيد، عن كُلْثُوم بن زِيَادٍ، عن سُلَيمان بن حَبِيب المُحَارِبِيِّ، عن كَعْبٍ، قال: تَقْتَتِلُونَ بالأَعْماقِ قتالًا شديدًا، ويُرفَع النَّصْر، ويُفْرَغ الصَّبْر، ويُسَلَّط الحَدِيد بَعْضُهُ على بعضٍ، حتَّى تركُضَ الخَيْلُ في الدَّمِ إلى ثُنَّتِها (a) ثلاثة أيَّام مُتَوَاليَة، لا يَحْجزُ بينهم إلَّا اللَّيْلُ حتى تَقُول عَمائرُ من النَّاس -يعني طَوَائف-: ما كان الإسْلام إلَّا إلى أجَلٍ ومُنْتَهى، وقد بلَغ أجَلَهُ ومُنْتَهاهُ، فالْحَقُوا بمَوَالِدِ آبائنا، فيلحقُونَ بالكُفْر، ويَبْقى أبناءُ المُهاجِرينَ فيقُول رَجُلٌ منهم: يا هؤلاء، ما ترونَ إلى ما صَنَعَ هؤلاءِ؟ قُومُوا بنا نَلْحَق باللهِ، فما يَتَّبِعُهُ أحَدٌ، فيَمْشي إليهم حتَّى يأتيَهُم فيَنْشُلونَهُ بِنَيَازِكهم (b) حتَّى أنَّ دماءَه لتَبُلّ أذرعُهُم، فيهزمهُم اللهُ.

قال الوَلِيدُ (٢): فَحَدَّثَني عُثْمان بن أبي العَاتِكَة، عن كَعْب مِثْلَهُ، قال كَعْب: فذلكَ أكْرمُ شَهيدٍ (c) كان في الإسْلام إلَّا حَمْزَة بن عَبْد المُطَّلِب، فتَقُول المَلائِكَةُ: رَبّنا ألَا تَأْذَن لنا بنُصْرة عِبادَكَ؟ فيقُول: أنا أوْلَى بنُصْرَتهم، فيَوْمئذٍ يَطْعنُ برُمْحه، ويَضْربُ بسَيْفه ورُمْحه، وسَيْفُهُ أَمْرُهُ، فيَهْزمهمُ اللهُ، ويَمْنَحهُم أكْتافَهم فيدُوسُونَهم كما تُدَاس المَعْصَرَة (d)، فلا يكُون للرُّوم بَعْدَهَا جَمَاعَةٌ ولا مُلكٌ.

وقال: حَدَّثَنَا نُعَيْم (٣)، قال: حَدَّثَنَا الحَكَمُ بن نَافِعٍ، عن جَرَّاح، عن أَرْطَأةَ، قال: إذا ظَهَرَ صَاحبُ الأدْهَم في الإسْكَنْدَرِيَّة، وَعَلَا أرضَ مِصْر، لَحقَتِ العَرَبُ


(a) في الأصل مجودًا: ثُتَنِها، والصواب ما أثبت؛ وفي كتاب الفتن: ثُننها. والثُّنَّةُ من الفَرَس: مؤخر الرُّسْغ، وهي شعرات في مؤخر الحافر من اليد والرجل. والجمع: ثُنَن. لسان العرب، مادة: ثنن. وتأتي فيما بعد صحيحة على الجمع: ثُنَن.
(b) الأصل مجودًا: بِيَنَازكهِم، والصواب بتقديم النون على الياء، وكما هو عند ابن حماد: الفتن ٤٤٤. والنَّيْزَك: فارسي معرب، تكلمت به العرب، وهو الرمح الصغير، يكون أقصر من الرمح المعتاد. لسان العرب، مادة: نزك.
(c) الأصل: شهيدًا.
(d) كذا ضبطه بفتح الميم.

<<  <  ج: ص:  >  >>