للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحَدَّثَني عنهُ جَمَاعَةٌ، قالُوا: أمَرَنا أتَابِكُ بجَمْلِهِ (a) من حَلَب إلى المَوْصِل ليُشَاهد البِرْكَة المَعْرُوفة بالقَلْعَة، فحُمِلَ من حَلَب على جَمَل في مَحَارة، وجَعَلُوا معه صَحبِيَّةً أرْمَنِيَّةً مأسُورة، فكان يَلْطُف بها ويُطْعِمُها (b)، فقال لها يَوْمًا يا صَبِيَّة، من أين أَسَرُوك أنت؟ قالت: من بَلَد كَذَا وكذا، ثمّ قالت له: فباللَّهِ يا عَمِيِّ من أين أسَرُوك أنتَ؟ قال: من الشَّرْقيَّة الّتي في جَامِع حَلَب.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد اللَّه القَيْسَرَانِيّ في دِيْوان شِعْره (١) أبْيَاتًا رَثَى بها القَاضِي أبا سَعد الحَرَشِيّ، وأخْبَرَنا بها أبو اليُمْن الكِنْدِيَّ وغيره، إجازةً عنه: [من الطويل]

تَوَخَّاكَ يُسرُ اللَّهِ جَارَ ابنِ يَاسِرِ … أخا الصَّلَحات والتُّقَى والمَآثِرِ

يُريدُ بابن يَاسِر: عَمَّار بن يَاسِر لأنَّهُ مَدْفُون بالرَّقَّة.

أبا سَعْدٍ انحلَّتْ على ذلكَ الثَّرَى … سَماءٌ تُحَلَّى بالسُّعُودِ الزَّوَاهِرِ

وإمِّا تَجَافى عَن صَدَى تُرْبِكَ الحَيَا … فجادَتْكَ أنْوَاءُ الجفُونِ المَوَاطِرِ (c)

مَتَى هَجَرِتهُ لا تَرَى غَيرَ عَاذِلٍ … وإنْ وَاصَلتُهُ لا تَرى غَيْرَ عَاذِرِ

لقد صَدَرتْ عَنْكَ القُلُوبُ صَوَادِيًا … منَ الوَجْدِ فاعْجَبْ للصَّوَادِي الصَّوَادِرِ

غَدَاةَ ثَنى منك السّحُوليُّ كِسْرَهُ … على ذي خِلَالٍ طَيِّبَاتِ المَكَاسِرِ

ومَدَّ الأَسَى بَاعًا إلى كُلِّ مُهْجةٍ … وألْقَى البُكَا سترًا على كُلِّ نَاظِرِ

بنَفْسِي غَرِيْب الجارِ والدَّارِ طَوَّحَتْ … بآمَالهِ إحْدَى اللَّيالِي الجَوَائِرِ

أقامَ على شَطِّ الفُرَات وجُهِّزَتْ … إليهِ الدُّمُوعُ بينَ سَارٍ وسَائِرِ

قَرِيبًا إلى دَاعي الخُطُوب يُجِيْيْبُا … بَعِيدًا على ذي خُلَّة ومَعَاشِرِ

فإنْ تُمْسِ في مَثْواكَ لا في عَشِيرةٍ … فقَدْ كُنْتَ مِن (d) تَمْهِيْدِهِ في عَشَاِئِرِ


(a) م: نحمله.
(b) ساقطة من م.
(c) م: النواظر.
(d) م: في.

<<  <  ج: ص:  >  >>