رَضِىَ اللهُ عنهُ - إذا حَضَر يَوْم الجُمعَة إلى الجامع يَذْكُر بصَوْتٍ عالٍ جَهْوَرِيّ، فكنتُ في بعض أيَّام الجُمَعِ في جَامِع عَمْرو بن العَاص بمِصْر، والخَطِيبُ يخطُب على المِنْبَر، إذْ صَاحَ الشَّيْخُ رُوْزبَهَان صيَاحًا كَثِيرًا على عَادَته، فقال بعضُ الحاضِرين: لقد آذانا هذا الشَّيْخ بصيَاحِه وشَوَّش علينا في مثل هذا الوَقْت، وقام مُبَادرًا، ورفَع يَدُه ليَضْربه، فبقِيَتْ يَدُه مُعَلَّقة في الهَوَاءِ، ولَم يَسْتَطع أنْ يَصِل بها إليهِ.
كَتَبَ لي رَفيْقُنا أبو عليّ الحَسَن بن مُحَمَّد بن مُحَمّد البَكْرِيّ بخَطِّه، وسَيَّرَهُ إليَّ، ويَغْلِبُ على ظنِّي أنَّني سَمِعْتُه من لَفْظه، قال: سَمِعْتُ أبا الحَسَنِ غُلَام الشَّيْخ رُوْزبَهَان الزَّاهِد يَقُول: دَخَلْنا حَلَب عند عَوْدنا من المَوْصِل، ونزلنا بمَشْهَد عليّ ظَاهِر حَلَب، ورَأينا من أهْلها إكْرَامًا عَظيْمًا، وانتقَلْنا منها إلى دِمَشْق، ثمّ إلى مِصْر، وتُوفِّيَ الشَّيْخ بها.
قَرأتُ بخَطِّ أبي البَرَكاتِ المُبارَك بن أحْمَد بن المُستَوفِيّ في تاريخ [إرْبل] (a)، وأجَازَ لنا الرِّوَايَة عنهُ في كتَابِهِ إليْنَا من إرْبِل، قال: رُوْزبَهَان الدَّيْلَمِيَّ - ورَأيْتُهُ في مَوضعٍ رُوْزبَهَار بالرَّاءِ - وهو صَاحِبُ أبي زَيْدٍ الصُّوْفيّ، سَمِعْتُ الفَقِيْر إلى الله أبا سَعيد كَوْكَبُوري بن عِليّ بن بُكْتِكِيْن، سَامَحهُ الله، يَقُول: وَرَدَ إرْبِل من نحو خَمْسِين سَنَةً أو أكْثَر، ونزل بمَشْهَد الكَفِّ، فَزَارَهُ مُجَاهِد الدِّين قَايْمَاز، وكان رُوْزبَهَان يُريدُ السَّفَر إلى مِصْرَ، فقال: لو أقَمْتَ بهذا المَشْهَد، مَشْهَد الكَفّ، فهو مَشْهَدٌ حَسَنٌ، فقال: أنا أُريْد مَشْهَد القَلْب لا مَشْهَد الكَفّ.
قال أبو البَرَكَات (١): وحدَّثَ بعضُ الإرْبِلِيِّيْن أنَّ رُوْزبَهَان كان بالمَوْصِل في يده سُبْحَة خَضْراءُ، وشَعره مَنْشُور كالدَّيْلَم، وفي يَده طَبَرْزين يَصِيْح دَائمًا
(a) ما بين الحاصرتين لم يرد في الأصل، والنص متصل فيه، ولم يرد لروزبهان ذكر في المتبقي من كتاب ابن المستوفي.