فمَا وَاجَهَتْنا الشَّمْسُ حتَّى أحَلَّنَا … سُمَيْسَاطَ من شَطِّ الفُرَاتِ عُبُورُ
ولمَّا أتَتْ رعْبَانَ أفْرَخَ رُعْبُنا … وهُنَّ بنا عن تلِّ باشَرَ زُوْر
إلى حَلَبٍ أُوْرثْتَ كُرْسِيَّ مُلْكها … وقد أصبحَتْ شَوْقًا إليك تَمُورُ
فلم نَسْقِها نَشْحًا إلى أنْ رعتْ حِمَى … حَمَاةَ ونِيْرانُ الشِّهَاب تنيرُ
يعني: شِهَاب الدِّين الحَارِمِيِّ.
فأصْبَحْن بالعَاصِي يَرِدْنَ زُلَالَهُ … وأمْسَيْن في حِمْصٍ لهُنَّ نفُورُ
تَيَمِّمْنَ بالرُّكبَانِ جنَّةَ جِلّقٍ … ونحنُ إلى المَلِكِ المُعَظَّمِ صُورُ
إليكَ صَلاح الدِّين سَارَتْ رَكَائبي … ولَوْلَاكَ لم يعْلُ الرَّكائب كُورُ
فدونَك بنتَ الفِكر عَذْرَاء دُوْنَها … أجارَةَ بَيْتَيْنَا أبُوك غَيُورُ
وإنَّ ابن هَانِئ دُوْنَ نَاظِمِ درّها … بَصِيْرٌ بنظْم الدُّرِّ وهو ضَرِيرُ
قال: ومَطلع القَصِيدَة الأُخْرى من نَظْمه: [من البسيط]
أَهْدَتْ إلى الصَّبِّ أنفاسَ الصَّبَا وصَبَا … فحنَّ شَوْقًا إلى عَصْر الصِّبَا وَصَبَا
وعَادَهُ في نَسِيْم الرِّيحِ رَائحةٌ … للغَوْرِ رَائحةً هَاجَتْ له طَرَبًا
فغَاض من صَبْره ما فاضَ تَسْليةً … وفَاضَ من دَمْعِهِ ما غاضَ وانْسَكَبا
وكاد يقْضِي لذكرِ الجزعِ من جَزَعٍ … أيَّامَ لم يقضِ من أحْبَابِهِ أَرَبا
إذ شام برقًا لذكرِ بالشَّام حين خَبَا … أبْدَى من الوَجْدِ ما كان الضَّميرُ خَبَا
وفي كَئِيْبِ الحِمَى لو أنَّهُ كَثَبٌ … لعَاشِقٍ شِعْبُ شَملٍ باتَ مُنْشَعِبَا
سَقَى الحَيَا عَهْدَ ذاك الحِيِّ إن لَهْ … عندِي عهُودَ هَوَى لم أَنْسَهَا حِقَبَا
أيَّامَ أشْرَبُ كأسَ الحُبِّ تُمْثِلُنيٍ … عِشْقًا وألْثَمُ من كأس اللَّهَا الحَبَبا
وأجْتَني ثَمراتِ الوَصْلِ يَانعةً … ولا أُراقبُ إذا أَجْنِي على الرُّقَبَا
وللظّبَاءِ بذاكَ الرَّبعِ مُرْتَبِعٌ … وللهَوَى من فُنُون اللَّهْو ما طُلِبَا