للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزُرْتُ هذا الموضع، فوَجَدْته على الصِّفَة التي أخْبَرَ اللهُ تعالَى فىِ كتابهِ الكريم: {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَتْ تَزَاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِي فَجْوَةٍ مِنْهُ} (١)، وقد بُنِيَ على المَوْضع بناءٌ عَظيم حَسَنٌ واسِعٌ لِمَنْ يَقْصدهُ من الزُّوَّار، ووُقف عليه وقْفٌ، ورتّب لهم ضِيَافَةٌ؛ بناهُ صَاحبُ مَرْعَش.

وأنْبَأنَا أبو القَاسِم بن رَوَاحَة، عن أبي طَاهِر الحَافِظ، عن أحمد بن مُحمَّد ابن الآبِنُوسِيّ، عن أبي الحُسَيْن بن المُنَادِىِ، قال: ومَدِينَة أصْحَاب الكَهْف من عَمَل الرُّوم في رُسْتَاق الأوَاسِي، والكَهْف في جَبَل بانَجْلُوسْ، وقُرئ في مَسْجِدِهم كتاب بالعَرَبيَّةِ: يَدْخُل مَسْلَمَة بلَادَ الرُّوم، ويَفْتح أرْبَعة (a) حُصُون.

بيد الرُّوم وبعضٌ قد خَرِبَتْ، وكانت طَرَسُوسُ ومُدنُها خَلْف هذه الكُورَة، وبَالِس رأس الحَدِّ من قِبَل الرَّقَّة عَامِرَة، وقِنَّسْرِيْن مَدِينَةٌ قد خَفَّ أهْلُهَا (b).

قال البِشَارِيُّ (٢): فإنْ قال قائلٌ: لِمَ جَعَلْتَ قَصَبَة الكُورَة حَلَب وها هُنَا مَدِينَة على اسْمِها؟ قيل لَهُ: قد قُلْنا إنَّ مَثَل القَصَبَاتِ كالقُوَّادِ، والمُدُن كالجُنْدِ، ولا يُجوز أنْ تَجْعل (c) حَلَب على جلَالَتها وحُلُول السُّلْطَان بها، وجَمعْ الدَّواوين إليها، وأَنْطاكِيَة ونَفَاستها، وبَالِس وعمارَتها، أجْنادًا لمَدِينَةٍ خَربةٍ صَغِيرَة!.


(a) الأصل: أربع.
(b) هذا النص المنقطع بعضه من المقدسي البشاري (أحسن التقاسيم ١٥٢، ١٥٥)، وفيه: وقد أعرضنا عن ذكر طرسوس وأعمالها لأنها بيد الروم.
(c) أحسن التقاسيم: أن نجعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>