للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرَأتُ في مُنْتَخَبٍ من كتاب زُبْدَة التَّوَاريخ للأميْر أبي الحَسَن عليّ بن الشَّهِيْد أبى الفَوَارِس نَاصِر بن عليّ الحُسَيْنيّ (١)، قال: لمَّا اسْتَبَدَّ السُّلْطان ألْب أرسْلَان بالأمْر، واسْتَوَى على سَرير المُلْك، بَسَطَ على الرَّعَايا جَنَاحَ العَدْلِ، ومَدَّ عليهم ظلَّ الرَّأفَة والبَذْلِ، وقَنعِ من الرَّعَايا بالخَرَاج الأصْليّ في نَوْبَتَين من كُلِّ سَنَة، وكان يَتَصَدَّق في كُلِّ سَنَةٍ في شَهْر رَمَضَان بأربعة آلاف دِيْنارٍ ببَلْخ، وألف بمَرْو، وألف بهَرَاة، وألف بنَيْسَابُور، ويَتَصَدَّق بعَشرة آلاف دينارٍ في حَضْرته.

وكَتَبَ السُّعَاةُ إليهِ سِعَايةً بنِظَام المُلْك (a)، وتَعَرُّفًا بمكَاسِبهِ، ووضَعُوه على طَرَف مُصَلَّاهُ، فدَعا السُّلْطانُ نِظَامَ المُلْك وقال له: خُذْ هذا الكتابَ، فإنْ صَدَقُوا فيما كَتَبُوه فهَذِّب أخْلاقكَ، وأَصْلِح أحْوَالكَ، وإنْ كَذَبُوا فاغْفِر للجَارِم (b)، واشْغل السَّاعِي بمُهِمٍّ من مُهمَّات الدِّيْوَان حتَّى يُعْرِض عن الكَذِب والبُهْتَان.

قَرأتُ بخَطِّ أبي غَالِب بن الحُصَيْن: في شَهْر رَمَضَان - يعني من سَنَة ستّ وخَمْسِين وأرْبَعمائة - وصَل رِكَابيٌّ من تِبْرِبن بكتابٍ من (c) نِظَام المُلْك يُخْبر أنَّ السُّلْطان ألْب أَرَسْلَان أوْغَل في الغَزَاة ببلادِ الخَزَر، وبَلَغَ حيثُ لَم يبلغُ أحدٌ من المُلُوِك، وافْتَتَح بَلَدًا عَظيْمًا يُسَمَّى أسبيذ شَهْر (d)، وقَتَل نحو ثلاثين ألف رَجُل، وسَبَى ما يُوْفي على خَمْسِين ألف مَمْلُوك، وهَادَن مَلِكَ الأَبْخَاز، وعاد من ذلك الثَّغْر، ونَزَلَ على مَدِينَة آنِي من بلاد الرُّوم (e)، ففَتَحَها عَنْوَةً، وهي مَدِينَةٌ عَظِيمَةٌ تَشْتَمِل على سَبْعمائة ألف دارٍ، وأَسَرَ منه خَمْسمائة ألف إنْسَان.


(a) الحسيني: نظام الملك الوزير.
(b) الحسيني: المجازم!.
(c) ساقطة من ب.
(d) في الأصل: أسد شهر، والإعجام من كتاب أخبار الدَّوْلَة السلجوقية لحسيني ٣٦ والعبر لابن خلدون ٩: ٦٣: وفيهما: سبيذ شهر.
(e) عند ياقوت: آني من بلاد أرمينبة؛ بين خلاط وكنجة. مُعْجَمُ البلدان ١: ٥٩، وانظر وصف البلدة وحصانة سورها عند الحسيني: أخبار الدَّوْلَة السلجوقية ٣٩، وابن خلدون: العبر ٩: ٦٣ - ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>