له: يا أبا السِّمْط، ما الّذي نراهُ (a) بكَ؟ قال: أخبركُم بِالعَجَب، مَدَحْتُ أَمِيرَ المُؤْمنِيْن، فوصَفْتُ له نَاقَتي من خِطَامها إلى خُفَّيْها، ووصفْتُ الفَيَافي من اليَمَامَة إلى بابهِ أرْضًا أرضًا، ورَمْلَةً رَمْلَةً، حتَّى إذا أشْفَيْتُ منه على غِنَى الدَّهْر، جَاء ابنُ بيَّاعَة الفَخَاخِيْر - يعني أبا العَتَاهِيَة - فأنْشَدَهُ بَيْتَيْن، فضَعْضَعَ بهما شِعْري، وسَوَّاهُ في الجَاِئزَة بي! فقيل له: وما البَيْتان؟ فأنْشَدَ (١): [من الكامل]
فإذا رَحَلْن بنا رحَلْنَ مُخِفَّةً … وإذا رَجعْنَ بنا رجَعْنَ ثقَالا
قُلتُ: أخَذَ هذا المَعْنَى من قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم (٢): لو اتَّكَلتُم على الله حَقَّ التَّوَكُّل لرَزَقَكُم كما يرزقُ الطَّيْر، تَغْدو خِمَاصًا وتعُودُ بِطَانًا.
نَقَلْتُ من خَطِّ أبي بَكْر مُحَمَّد بن هاشم الخالِديّ، وحدَّثنا الصُّدَائيّ، عن المُبَرَّد، عن علِيّ بن عُمْرُوس الشَّاعِر، عن أشْجَعَ السُّلَمِيِّ، قال: أذنَ المهَدِيّ للشُّعَراءِ، فدَخَلْتُ مع منْ دَخَل، فاتَّفَقَ أنْ جَلَسْتُ إلى جانب بَشَّارٍ، فإنَّا لسكوتٌ إذ سَمِعْنا حِسًّا، فقال لي بَشَّار: مَنْ هذا يا أَشْجَعُ؟ قلتُ: أبو العَتَاهِيَة، فقال: أتُرَى تَحملُه قَحِتُهُ (٣) وجَهْلُهُ على أنْ يُنشِدَ في مثل هذا المَحْفِل شِعْرًا؟! قلتُ: لا عِلْم لي، إذ