للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأيتُ به الصِّغَارَ تُجيْدُ عَوْمًا … كأنَّهُم نُجُومٌ في المَجَرَّه

وقَوْله في غُلَام نَحْويَّ: [من السريع]

وأهْيَفٍ أحْدَثَ لي نَحْوهُ … تَعجُّبًا يُعْربُ عن ظَرْفهِ

علامَةُ التَّأنِيْث في لفظه … وأَحْرفُ العِلَّة في طَرْفِهِ

قُلتُ: وكان لابن مَمَّاتِيّ نُكَتُ مَطْبُوعة، ونَوَادرُ مُسْتَحْسَنَة، ومُهاترات مُسْتَملحَةٌ، فمن ذلك أنَّ السُّلْطان المَلِك الظَّاهِر، رَحِمَهُ اللهُ، لمَّا حرَّر قَنَاة حَلَب، وأجْرَى المياه في أزقَّتها وشَوَارعها، وقَفَ عليها وَقْفًا، واسْتَخدَمَ السَّدِيْد مُحَمَّدَ بنَ المنذِر اليَابُرِيّ (a) على مَصَالِح القَناة، فسُئِلَ الأَسْعَدُ بنُ ممَّاتِيّ يَوْمًا عن السَّدِيد بن المُنْذِر ما هو؟ فقال مُجِيْبًا في الحالِ للسَّائل: مُسْتَخدمٌ على القَنَاةِ.

أنْبَأنَا عبد العَظِيْم بن عَبْد القَوِيّ (١)، قال: وفي سَلْخ جُمَادَى الأُوْلَى -يعني من سَنَة ستٍّ وسِتمّائة- تُوفّي القَاضِي الأجَلّ أبو المَكارِم أسْعَدُ بن مُهذَّب بن زَكَرِيّاء بن أبي ملِيح مَمَّاتِي الكاتب المنعوت بالأسْعَد، بحلب، وهوِ ابنُ اثْنَتَيْن وستِّين سَنَة، سَمعَ بالإسْكَنْدَرِيَّة من الحافِظ أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد بن أحْمَد الأَصْبَهَانِيّ، وبالقَاهِرَة من الفَقِيه أبِي الفَضْل مُحَمَّد بن يُوسُف الغَزْنويّ وغيرهما، وحدَّثَ، وجَمعِ مَجَامِيعْ، وله شِعْرٌ حسنٌ، وتقلَّبَ في الخدَم الدِّيْوَانيَّةِ مُدَّةً، رأيتُه فلم يتَّفق لي السّماع منه، وأُنْشِدْتُ عنه.

تُوفّي أَسْعَدُ بنُ مَمَّاتيّ بحَلَب في سَلْخ جُمَادَى الأوَّل من سَنَة ستٍّ وسِتّمائة، ودُفِنَ بالقرْبِ من تُرْبَة أَبي الحَسَن عليّ بن أبي بَكْر الهَرَويّ قبليّها (b) بين الطَّريقَين، وِكان ابن الهَرَويّ هو المُتَوَلِّي تَجْهيْزَهُ ودفنَهُ، وكان أوَّل شرُوعه في بناءَ تُرْبته، رحمهما الله.


(a) الضبط من ياقوت: معجم البلدان ٥: ٤٢٤.
(b) ب: قبليهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>