فَلَم أرَ في جَمِيْع الأرْض أهْلًا … لذاكَ سِوَى أبي الحَسَن الرَّشِيْدِي
فَتَىً عَذُبَتْ خلائقُه فعَمَّتْ … جميعَ الخَلْق من بِيْضٍ وسُوْدِ
رفيْعُ المَجْدِ شهْمٌ هَاشِميٌّ … شَرِيفٌ في الأُبوَّة والجُدُودِ
جَوَادٌ في مَذَاهِبهِ جَمِيلٌ … سَعيدٌ حَلَّ في بُرْج السُّعُودِ
فلَوْ حَلَّ السُّجُودُ لوَجْهِ خَلْقٍ … نُعَظِّمُهُ سِوى الصَّمَد المَجِيْدِ
لكان لأحْمَدَ المَحْمُودُ (a) منِّي … رُكُوعي ثمّ كانَ له سُجُودِي
هُوَ القَيْلُ المُؤَمَّل والمُرَجَّى … مَدَى الدُّنْيا لبأسٍ أو لجُوْدِ
لقد أحْيَا أُناسًا بعدَ مَوْتٍ … فعَاشَ القَوْمُ في عَيْشٍ رَغِيْدِ
أنَالَ المُسْتَحقِّيْن العَطَايا … كذَاكَ يَنَالُ في دَار الخُلُودِ
وَسَدَّ الثَّغْرَ من بَعْدِ انْثِلَامٍ … بأقْوَامٍ كأمْثَالِ الأُسُودِ
ولو لَمْ يأتِ تَدْبِيرًا وعُرفًا … يَشِيْبُ لهَوْلهِ رَأسُ الوَلِيدِ
لكانَ الرُّومُ يَغْشَوْنَا وكانَتْ … جُمُوع جُيوشِهم في بَرْقَعِيْدِ
لقَد مَنَّ الإلَهُ على البَرَايا … برأيكَ بَلْ وبالعَقْلِ الحَمِيْدِ
وكم أنْشَأتَ من حِصْنٍ جَدِيْدِ … لكَم أصْلَحْتَ ثُلْمَةَ هَدْمِ ثَغْرٍ
وكم جِسْرًا عَقَدْتَ على طَريقٍ … شَقَقْتَ بعَقْدِهِ بَطْنَ الحَسُودِ
تَبَشُّ بزائريكَ إذا ألَمُّوا … وتُصْغِي للكَلَام وللنَّشِيْدِ
وتَنْثرُ بعدَ ذاكَ لهم حَدِيثًا … كنَظْم الدُّرِّ في عقدٍ وجيْدِ
نَقَلْتُ من خَطِّ أبي الحُسَين عليّ بن المُهَذَّب المَعَرِّيّ في تَعْلِيقٍ له في التَّاريخ: سَنة أرْبع عَشرة - يعني وثَلاثِمائة - وفيها تُوفِّي أبو الحَسَن الرَّشِيْدِيّ بحَلَب.
(a) كذا في الأصل بالرفع على نيّة الاستئناف بتقدير: هو المحمود.