للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو ممن قال بأن القصيدة العربية القديمة فيها وحدة معنوية١، واستنكر ما رمى به الشعر القديم من خلوه من هذه الوحدة، وعلل هذا الزعم بأن أصحابه لم يطلعوا على الشعر القديم كاملًا، وضرب مثلًا بمعلقة "لبيد"؛ وأخذ يبين ما فيها من وحدة معنوية٢، وتنسيقها وملاءمتها الشديدة للموسيقى التي تجمع بين جمال اللفظ والمعنى والوزن والقافية، ووضح أن هذه النغمة المتصلة هي التي كونت وحدة القصيدة المعنوية.

وأثر الدكتور طه حسين في الشعر يرجع إلى ما تناوله من قصائده بالنقد كما فعل في قصيدة شوقي التي قالها في مصطفى كمال والتي مطلعها:

الله أكبر كم في الفتح من عجب ... يا خالد الترك جدد خالد العرب

ووازن بينها وبين قصيدة أبي تمام في فتح عمورية:

السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب

وكما فعل في قصيدة شوقي:

قفى يا أخت يوشع خبرينا ... أحاديث القرون الغابرينا

وبتأريخه للأدب على طريقة جديدة تأثر فيها بأستاذه "نللينور" وطبق فيها طريقة الغربيين في البحث الأدبي، وكانت باكورة هذه الأبحاث "ذكرى أبي العلاء" الذي نال عليه شهادة الدكتوراه من الجامعة المصرية القديمة وصار نموذجًا لمن أتى بعده من مؤرخي الأدب، وكذلك بما ترجمه من الأدب الفرنسي شعرًا ونثرًا، ليضربه نماذج وأمثلة لشعرائنا كي يحتذوه.

والدكتور طه لا يقيس الأدب بمقياس جمالي أو سيكلوجي أو لغوي معين، وإن كان ينتفع في نقده بنتائج هذه الدراسات انتفاعًا واضحًا كما رأيت في الشمول الذي يريده لمنهجه، وليست له نظرية واضحة المعالم في فلسفة الفن والجمال. ولكنه يصدر في نقده عن ذوق ومعرفة٣. ونقده في مجمله ذاتي،


١ حديث الأربعاء ج٢ ص٨٣.
٢ الأدب الجاهلي ص٣٥٨ ووحديث الأربعاء ج١ ص٣٠.
٣ من الوجهة النفسية في دراسة الأدب ونقده لمحمد خلف الله ص١٣٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>