للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكثيرًا ما يعمم الأحكام كقوله: "إن عمر بن أبي ربيعة زعيم الغزليين الأموريين جميعًا لا نستثني منهم أحدًا، ولا نفرق فيهم بين أهل البادية وأهل الحاضرة، بل نحن نذهب إلى أبعد من هذا فنزعم أن عمر زعيم الغزليين في الأدب العربي كله على اختلاف ظروفه وتباين أطواره منذ كان الشعر العربي إلا الآن١".

وكثيرًا ما كان يصدر أحكامه بدون تعليل، وقد تكون هذه الأحكام قاسية ولكنه لا يعللها دائمًا حتى يبرئ نفسه من تهمة التحكم والتحامل٢، ومن أمثلة هذه الأحكام غير المعللة رغبته إلى علي محمود طه أن يلغي قصيدته "ميلاد شاعر" عند طبع ديوانه الملاح التائه٣، وقوله: إنه لم يجد في قصيدة ناجي "قلب راقصة" جديدًا٤ إلى غير ذلك من عشرات الأحكام التي يصدر فيها عن ذوقه الخاص دون الرجوع إلى مقاييس معينة أو التعليل لها.

ولعلك ترى أن ثمة مدرستين في النقد الأدبي إحداهما فرنسية ومن زعمائها، هيكل وطه حسين، ومن شعرائها شوقي ومطران وصبري، والأخرى إنجليزية ومن زعمائها العقاد وشكري والمازني وأبو شادي وهم أنفسهم شعراء ونقاد. وبين المدرسة الإنجليزية والمدرسة الفرنسية في الشعر تباين يرجع إلى أن المدرسة أقوى من الفرنسية والمدرسة الفرنسية في الشعر تباين يرجع إلى أن المدرسة الإنجليزية الشعرية أقوى من الفرنسية والمدرسة الفرنسية في النثر أقوى من الإنجليزية وذلك لأسباب.

منها: أن البيئة الإنجليزية معتمة تدعو الفرد إلى الانطواء على نفسه وعلى الكآبة والحزن, فيكثر التفكير في الطبيعة ولو من وراء جدار، وفي الله وكمال صنعه، وعلى العكس من ذلك البيئة الفرنسية فهي أكثر إشراقًا، وأضحى شَمسًا والشعر لا يعمق عادة في مثل هذه البيئة؛ لأنها بوضوحها أورثت الفرنسي


١ حديث الأربعاء ج١ ص٢٨٧.
٢ خليل سكاكيني - ومطالعات في اللغة والآدب ص٧٣.
٣ حديث الأربعاء ج٣ ص٧٣.
٤ نفس المصدر ص١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>