للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جراء التوازن. غير أنه فيما عدا التأثيرات الصوتية الخاصة بكل لغة، توجد تأثيرات عامة تتجلى في كل اللغات وهي نتيجة لاتجاهات طبيعية فسيولوجية ونفسية معا. ففي الأصوات الإنفجارية يوجد فرق بين العنصر الانحباسي والعنصر الانفجاري، فالأول أقل حساسسية للمسع لأن انطلاقه أقل صلابة من الثاني. هذا الفرق يعرض الانحباس لعوارض مختلفة. فمجموعة مثل "أكتا" akta فيها الكاف k وهي انحباسية أقل مقاومة من التاء t الإنفجارية "انظر ص٤٩". ويمكن لاتجاهين متعارضين أن يؤثرا معا، وتكون النتيجة تعديلا في المجموعة فإما أن يتخلى المتكلم كسلا عن تحقيق الحركات النطقية للكاف k فينتقل طرف لسانه توا منذ الاحتباس إلى موضع التاء t فنحصل في النهاية على atta "أنا" بتاء طويلة. هذه العملية قد وقعت في اللغة الإيطالية حيث نجد الكلمات اللاتينية actus "اكتس" و strictus "ستركتس" قد صارت atta "أتا" و stretia "سترتا. وإما أن تدفع المتكلم الرغبة في توضيح نطق الكاف k إلى أن يتبع الكاف الانحباسية بانفجار طفيف يقوم به في نفس النقطة قبل الانتقال إلى انفجار التاء t وهذا النطق نسمعه في الفرنسية غالبا عن أولئك الذين يغالون في صحة الأداء، ويمكن رسمه بكتابة faqueteur "فكتير" بدلا من facteur "فكتير" "ساعي البريد. فانفجار الكاف k في الواقع مهما بلغ من القصر، يقع حتما على شبه حركة، هي الحركة الضامرة المخنوقة التي يشار إليها بالـe الصامتة. في الحالة الحالة الأولى حدث توافق١ وفي الثانية انفصال.

هناك مسلك ثالث: وذلك بألا يتجه الصوتان المتماسان إلى التوافق بين عناصرهما بزيادة المشابهة التي بينهما، تلك المشابهة التي تصل أحيانا إلى التماثل التام، ولا أن يتحصن كل منهما ضد الآخر بوضع نوع من العازل يكون عقبة في سبيل التأثير المتبادل بينهما، بل على العكس من ذلك، بأن يستغلا ما بينهما من فروق فيعمقاها إلى حد ألا يبقى بينهما شيئ مشترك، ثم يزيلا كل نقطة للتشابه. وتلك هي عملية المفارقة٢ التي هي ضد التوافق. وهكذا، في مثل المجموعة السابقة kt "كت"


١ فندريس، رقم ٦، مجلد ١٦، ص٥٣ "١٩٠٩".
٢ مييه: رقم ٤٥ مجلد ١٢، ص١٤ وما يليها "١٩٠١".

<<  <   >  >>