للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تتركب منها فحسب، تتضمن أقساما يحسها المتكلم أم لا، ثم عما إذا كانت هذه الأقسام تطابق أقساما نفسانية أم نحوية.

أما عن النقطة الأولى فيمكننا أن نجيب بالإيجاب دون تردد. فليس مما يشك فيه أن توجد في كل جملة أيا كانت أقسام صوتية طبيعية. بل إن هذه الأقسام عديدة الأنواع.

التقسيم إلى مقاطع يعد واحدا من أظهر هذه الأقسام. كل متكلم يشعر به كما يبرهن عن ذلك علم الأمراض العقلية١. فقد لوحظت حالات من فقدان الذاكرة ظل فيها الإحساس بالمقاطع حيا بعد نسيان الكلمة نسيانا تاما. مثل هذا المريض لا يستطيع تعيين الأشياء إلا بعد المقاطع التي تكون الكلمة الدالة عليها، فمع عجزه عن التعبير بكلمة غطاء أو مقعد، فإنه يعرف مع الإشارة بأصبع يده أن كل واحدة من الكلمتين تتكون من مقطعين. فقد ضاعت من ذاكرته الحركات النطقية التي يجب القيام بها للنطق بالكلمة ولكنه ما زال يعرف كم عددها. نعم قد يمكن أن ترد شهادة هذا الاختبار بحجة اختلاطه بعادات محصلة لدى تعلم القراءة وأنه من المستحيل التمييز بين ما يرجع إلى اللغة المكتوبة وما يرجع إلى اللغة المتكلمة، فقد يمكن لعوائد اليد التي تخط الحروف وعوائد العين التي تدركها أن تختلط هنا فتفسد نقاء الصلات التي تربط الحقائق بعضها ببعض.

يستخرج من النظم نتائج أخرى أكثر قوة من سابقتها. ففي عدد كبير من اللغات يقوم الوزن على عدد المقاطع، وذلك في لغات كانت تجهل الكتابة وحياة الشعر فيها كانت قائمة على تقاليد شفوية. ففي الهند وفي اليونان، أول ما بدأت الآداب، كانت تنظم قصائد طويلة يحسب فيها عدد المقاطع بشدة صارمة. وهذا على الأقل إذا جاز لنا أن نبني حكمنا على ورثة كتاب الفيدا المباشرين أو على مؤسسي الشعر الغنائي اللسبي٢. وبدايات الكتابة تزكي هذه الشهادة، ففي الكتابة الصوتية بدئ في تسجيل اللغة بتسجيل المقاطع. فالتقسيم إلى مقاطع سبق التقسيم


١ انظر روسلو، رقم ١١٥، ج٢، ص٩٦٩.
٢ ل: هافيه: رقم ٨٠ ص١٦٦.

<<  <   >  >>