بها إذ أننا نراها ننطق vanne فان "حمل""وهي الإغريقية القديمة "Faqviov" ومع ذلك فمن الحق أن اتجاه الإغريقية العام في كل لهجاتها كان يذهب إلى إسقاط هذه الهاء h وهذه الفاء معا، ولذلك حق للعالم اللغوي أن يذهب إلى أن إسقاطهما قانون من قوانين اللغة الإغريقية، رغم شذوذ التساكونية عنه حتى يومنا هذا. فصيغة القانون على هذا النحو تعبر عن اتجاه اللغة وتلخص التطور الصوتي الذي مر في الواقع بعدد من العمليات والمظاهر اختلفت باختلاف العصور والأماكن.
لعل اختبار الجزء الأعظم من القوانين الصوتية الكبيرة التي تتميز بها اللغات يقودنا إلى تقرير هذه النتيجة.
فالقوانين اللغوية التي يصوغها علماء اللغة لا تعبر إلا عن حالات وسطى، سواء أكان ذلك في الزمان أم في المكان. إذ لا يتم التحول الصوتي دفعة واحدة على رقعة من الأرض مترامية الأطراف كتلك التي تتكلم فيها الفرنسية أو الألمانية، الإغريقية أو اللاتينية. ومع ذلك ففي وسعنا أن نقرر بأن الفرنسية قد غيرت الفتحة الممالة المقفولة "e" -التي كانت في اللاتينية- إلى "وا" oi وأن الألمانية تستعمل في داخل الكلمات السين المضعفة مكان التاء t في الإنجليزية سواء أكانت بسيطة أم مضعفة. لأننا إذا رجعنا إلى القاموس واستعرضنا جميع الأمثلة واحدا واحدا بعد أن نستبعد منها بالطبع المستثنيات الناتجة من الاستعارة، لم نجد فيها واحدا فقط ينقض هذه القاعدة.
فالقانون يكاد يكون مطلقا بالنسبة لمؤرخ اللغة الذي لا يختبر إلا النتائج ولا يشمل بنظرته إلا تطور اللغة في جملته. أما من يلاحظ اللغة المتكلمة ويجوب في إقليم على درجة ما من الاتساع، إقليم يشهد نحولا صوتيا، فإنه يرى الأشياء بعين مختلفة، فإذا ما أراد أن يثبت تاريخ ذلك التطور الصوتي من حيث المكان والزمان رأي محتوما عليه أن يكتفي باعتبار فرد واحد مع مقارنته بأسلافه وأولاده المباشرين.
إذا جمعنا النتائج التي تقدمها لنا لهجات لغة واحدة في أطوار تاريخها المختلفة.