للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صوتي عناصر غالبة تسود غيرها. فيمكن دائما، إذا أريد وصف نظام للهجة ما، إرجاع كل تفاصيل هذه اللهجة إلى بضع قواعد عامة من وضع اللسان وشدة النفس والمجهود العضلي ... إلخ. هذه القواعد العامة ذات قيمة مؤقتة ما دام النظام الصوتي يتغير إن قليلا وإن كثيرا من سن إلى أخرى، ولكنها ما دامت موجودة فإنها تكون أساس اللغة وكأنها بمثابة هيكلها العظمى. فإذا ما نظرنا إليها باعتبار توالي العصور رأينا أنها تنبيء عن اتجاهات اللغة. ومن هنا نلاحظ، إذا فهمنا حالات اللغة التاريخية المتتابعة، أن التغيرات التي تبدو في حالات اللغة المتأخرة كانت توجد أجنة في حالاتها السابقة.

المثال الكلاسيكي الذي يذكر عادة لاطراد التغيرات الصوتية هو "الاستبدال المباشر للسواكن" في الجرمانية، ذلك الذي يسميه الألمان Lautverschiebung١ وتلاحظ هذه الظاهرة في لغات أخرى غير الجرمانية مثل الأرمينية والأوسية٢ وتنحصر نقطة البدء في هذا الحذف في الفرق بين النطق مع إغلاق الحنجرة والنطق مع فتحها "انظر ص٥٨".

إذا اعتاد شعب على النطق مع الفتح الحنجرة كما يفعل الجرمانيون، تعرضت الانفجاريات المجهورة والمهموسة لسلسلة من التغيرات ناجمة عن التأخر في وضع الذبذبات الحنجرية في حالة الحركة "انظر ص٥٩" فمن جهة لما كان تذبذب الأوتار الصوتية لا يبدأ بعد الحبس مباشرة في مجموعه مثل با ba أو دا da، صار جزء من الساكن مهموسا، سواء أكان هذا الجزء صغيرا أم كبيرا. وأخيرا ينتهي هذا الميل بتحويل المجهور كله إلى مهموس. ومن جهة أخرى في مجموعة مثل تا ta وبا pa، يوجد بين انفجار الانفجاري وإنتاج الفتحة التي تليه وقت طويلا أكان


١ التفسير الذي نثبته هنا هو الذي يقول به عامة علماء اللغة الفرنسيين لهذه الظاهرة "مييه: رقم ٩٥ ص٢٧، جوتيو: رقم ٦ مجلد ١١ ص١٩٢، فندريس: رقم ٩٩ ص١٣٠". ولكنه ليس رأي الجميع؛ ف. فونت: رقم ٢٢٣ج ١ و٢ ص٤٠٥؛ هـ. مير: رقم ٣٥ ج ٤٥ ص١٠٧ وما يليها؛ هيرت: رقم ١٦٧ ص٦١٦؛ س. فيست: رقم ٢٦ مجلد ٣٦ ص٣٠٧ ومجلد ٣٧ ص١١٢.
٢ لغة أهل بلاد القوقاز الوسطى، ويبدو أنهم من ذرية الإيرانية الأقدمين.
المعربان.

<<  <   >  >>