للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في هذا اللعب بالحركات المعقدة الذي يكون النظام الصوتي، قد يحدث لأحد الأعضاء أن يبالغ أو أن يقصر في أداء عمله ولو بقدر ضئيل، أو قد يعرض لعضلة شيء من التراخي أو الإبطاء في إخراج إحدى الحركات، أو قد يعرض لها على العكس من ذلك زيادة في القوة أو السرعة. ومن ثم يجيء الاختلاف في النظام الصوتي بين جيلين متتابعين. هذا الاختلاف قد يضؤل وقد لا يثير لدى السماع أي تغير محسوس، ومع ذلك فهو خطير النتائج لأنه لا يبشر بشيء أقل من انقطاع التوازن في النظام. هذا إلى أن الاختلاف قد يلحظ بوضوح في بعض الأحيان: الطفل ينطق مختلفا عن أبوبه، فيحل سلسلة جديدة من الأصوات محل السلسلة التي كان يملكها أبواه. وهكذا نرى الطفل الذي يضغط بطرف لسانه على قمة أصول الأسنان بدلا من الضغط على الأسنان نفسها يصدر سلسلة الأسنانيات الإنجليزية ت t ود d بدلا من السلسلة الفرنسية.

هذا النوع من التغير الصوتي يقدم لنا عدة صفات على جانب من الأهمية. فهو أولا غير شعوري. فالطفل الذي يتقدم لسانه إلى مدى بعيد أو إلى حد غير كاف لا يلتفت إلى ما يقع فيه من إسراف أو نقص. يعتقد أنه يقوم بنفس الحركات التي يقوم بها أبواه مع أنه يخالفهما. فعدم شعورية التغيير هو الذي يفسر لنا استمرار لأن الطفل قد يسعى إلى تصحيح خطئه لو أنه شعر به.

يزيد على هذا أن التغير مطلق، ومعنى ذلك أنه يتحقق في سورة تامة لا مرد منها، فليست المسألة خلقا اختياريا يضيف إلى النظام عنصرا جديدا، بل إنها مسألة تحول في عنصر موجود. هذا التحول يفترض أن الطفل قد عجز عن تكرار الصوت المسموع تكرارا مضبوطا. بل إنه لما يلفت النظر أن الصوت الذي استبدله به غيره يصير أشق الأصوات الغريبة على النظام وأعسرها على من يريد النطق به. وليس أصعب على فرنسي اليوم من نطق اللام المائعة بعد أن فقدوا هذا النطق.

وأخيرا فالتغير مطرد، بمعنى أنه يتم في اتجاه محدد بالتغيرات السابقة. هذا الطابع يفسر بطبيعة العناصر التي يقوم عليها توازن النظام. يوجد في كل نظام

<<  <   >  >>