للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في رمضانَ، فذهبْتُ لأغتسِلَ فسقطْتُ في الماء، فإذا الماءُ عَذْبٌ، فناديت أصحابي أعلمُهم أنِّي في ماءٍ عَذْبٍ. قال ابنُ عبد البر: هذه الليلة تُعْرَفُ بليلة الجُهَنيِّ بالمدينة، يعني عبد الله بنَ أُنَيْسٍ؛ وقد رُوي عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمَرَه بقيامها.

وفي صحيح مسلم (١) عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في ليلة القدرِ: "أُرِيتُ أني أسجدُ صبيحتَها في ماءٍ وطينٍ. فانصرَفَ النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلاةِ الصبح يومَ ثلاثٍ وعشرين وعلى جبهته أثرُ الماءِ والطِّين". وقال سعيد بن المسيب: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في نفرٍ من أصحابه، فقال: ألا أُخبِرُكم بليلةِ القَدْر؟ قالوا: بلى، يا رسولَ الله، فسكَتَ ساعةً، فقال: لقد قلْتُ لكم ما قلْتُ آنفًا، وأنا أعلمها، ثم أُنسِيتُها، أرأيتُم يومًا كنَّا بموضع كذا وكذا، أيّ ليلةٍ هي؟ في غزوة غزاها، فقالوا: سِرنا فقفلنا (٢) حتى استقام ملأ القومِ على أنَّها ليلةُ ثلاثٍ وعشرين. خرَّجه عبدُ الرزاق (٣) في كتابه.

ورجَّحَتْ طائفةٌ "ليلةَ أربعٍ وعشرين"، وهم الحسَنُ وأهلُ البصرة؛ وقد رُوي عن أنس. وكان حُمَيدٌ وأيّوبُ وثابتٌ يحتاطون فيجمَعون بين الليلتين، أعني ليلةَ ثلاثٍ وأربعٍ.

ورجَّحَتْ طائفةٌ ليلَةَ سبْعٍ وعشرين، وحكاه الثوريُّ عن أهل الكوفة، وقال: نحن نقول: هي ليلةُ سبْعٍ وعشرين، لما جاءَنا عن أبيّ بن كعب. ومِمَّن قال بهذا أبيُّ بنُ كَعْبٍ - وكان يحلِفُ عليه ولا يستثني - وزِزّ بنُ حُبَيش، وعَبدة بن أبي لُبابة.

ورُوي عن قَنان (٤) بن عبد الله النَّهْمِي، قال: سألت زِرًّا عن ليلةِ القَدْر، فقالَ: كان عُمَرُ وحذيفَةُ وأناسٌ مِن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يشُكُّون أنَّها ليلةُ سبْعٍ وعشرين.


(١) رقم (١١٦٨) في الصيام: باب فضل ليلة القدر والحث على طلبها.
(٢) في آ: "ففعلنا".
(٣) مصنف عبد الرزاق ٤/ ٢٤٩ في ليلة القدر. وانظر "الفتح الباري" ٤/ ٢٦٨ في فضل ليلة القدر.
(٤) تحرف في النسخ، ففي المطبوع: "النهسي"، وفي آ: "حبان بن عبد الله السهمي"، وفي ع: "عباد بن عبد الله السهمي،، وفي ش: "قتادة بن عبد الله السهمي"؛ والمثبت من نسخة (ب). وهو قنان بن عبد الله النهمي، مقبول، من السادسة، ذكره ابن حبان في الثقات. (تهذيب التهذيب ١/ ٣٨٤).

<<  <   >  >>