للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد سبق عن عبيد بن عمير أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بُدئ بالوحي ونزولِ القرآن عليه في شهر رمضان.

وفي "المسند" (١) عن واثلةَ بن الأسقعِ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: "نَزَلَتْ صُحُفُ إبراهِيمَ في أوَّل ليلةٍ مِن شَهْرِ رَمَضَانَ، وأُنزِلَتْ التَّوراةُ لستٍّ مَضَيْنَ مِن رَمَضَان، وأُنزِلَ الإِنجيلُ لثلاثَ عشرةَ من رَمَضَانَ، وأُنزِلَ القرآن (٢) لأربعٍ وعشرين خلَتْ مِن رمضانَ". وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يطيل القراءة في قيام رمضانَ بالليل أكثرَ من غيره، وقد صلًى معه حُذَيْفَةُ ليلةً في رَمَضانَ، قال: فقرأ بالبقرة، ثم النِّساء، ثم آلِ عمران، لا يَمُرُّ بآيةِ تخويفٍ إلَّا وقف وسأل. قال: فما صلَّى الرَّكْعَتَيْن (٣) حتى جاءه بلالٌ قآذنه بالصَّلاة. خرَّجه الإِمام أحمد (٤)، وخرَّجه النسائي، وعنده: أنه ما صلَّى إلا أربعَ رَكعَاتٍ.

وكان عُمَرُ قد أمر أُبيَّ بن كعبٍ وتميمًا الدارِيَّ أن يَقوما بالنَّاس في شهر رمضانَ، فكان القارئُ يقرأُ بالمائتين في ركعةٍ، حتى كانوا يعتمدون على العِصِيِّ من طُول القيام، وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر. وفي روايةٍ: أنَّهم كانوا يربطون الحبال بين السَّواري، ثم يتعلَّقون بها. ورُوي أن عُمَرَ جَمَعَ ثلاثةَ قُرَّاء، فأمر أسْرَعَهُم قِراءةً أن يقرأَ بالنَّاس ثلاثين، وأوسطَهُم بخمسٍ وعشرين، وأبطأهم بعشرين. ثم كان في زمن التابعين يقرؤون بالبقَرة في قيامِ رمضان في ثمان ركعاتٍ، فإنْ قرأ بها في اثنتي عشرةَ ركعةً رأوْا أنَّه قد خَفَّفَ. قال ابنُ منصور: سُئلَ إسحاق (٥) بن رَاهَوَيْه: كم يُقرأ في قيام شهر رمضانَ؟ فلم يرخِّصْ في دون عشر آياتٍ. فقيل له: إنهم لا يرضون. فقال لا رَضُوا، فلا تؤمَّهم (٦) إذا لم يَرْضوا بعشر آيات من البقرة، ثم إذا صرْتَ إلى الآيات الخِفاف فبقدر عشر آياتٍ من البقرة، يعني في كُلِّ ركعةٍ. وكذلك كرِه مالكٌ أن يُقْرأَ دون عشر آياتٍ.


(١) مسند أحمد ٤/ ١٠٧.
(٢) في المسند: "الفرقان".
(٣) في آ: "ركعتين".
(٤) مسند أحمد ٥/ ٤٠٠، والنسائي ٢/ ٢٢٤ في التطبيق، باب رقم (٧٤).
(٥) في آ، ش، ع: "إسحاق، يعني ابن راهويه".
(٦) في ش، ع: "فلا تلزمهم"، وفي ط: "فلا تؤمنهم".

<<  <   >  >>