للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو الحاضر فهي وعد من الله للمسلمين إن هم داموا سائرين على خط الإسلام، فلا بد من تحقيق هذا الوعد قال: الله عز وجل: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (١) فما بال المسلمين لم ينتصروا عدة قرون وهم منهزمون، أترى أن الله يخلف وعده كلا.

... فالله سبحانه وتعالى يقول: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} (٢) وإنما المسلمون نقضوا الشرط الذي شرطه الله عليهم في الآية المتقدمة.

إذا تركت الشعوب الإسلامية الدين بعيدا عن حياتها، كما هو الآن - في أوطان المسلمين، ولم تجعله أساسا لشؤونها، فإنها لن تستطيع أن تقوم بنهضة قوية وعندئذ لا يقدر أي مبدأ من المبادئ المستوردة أن يوحد بينها، فتنا بها عوامل الضعف والتخاذل والتفرقة، وهذا ما وقع في الماضي، وكان السبب في سقوطها فريسة بين أيدي أعدائها، ولازال هذا التفرق إلى الآن بكل أسف.

الأمة الإسلامية - في تاريخها الطويل العريض - لم تحارب أعداءها باسم أي مبدأ من المبادئ الوضعية، وإنما حاربت باسم الإسلام ولهذا كانت تخرج من المعارك ظافرة ومنتصرة.

ونأتي بمثال واحد - من بين الأمثلة الكثيرة - شاهدا على ذلك يلمسه كل من باشر ثورة الجزائر الكبرى، حين وصل الإيمان بالله عز وجل إلى قلوب الشباب عن طريق الدعوة فسرعان ما تناسى حظوظه الشخصية واتحد، وبرز يكافح ويناضل، ويجاهد في سبيل الله في كل مكان لاسترجاع كرامته المهدورة وحقوقه المهضومة. وسيادته المغصوبة ولو دعى باسم مبدأ آخر خلاف الإسلام لما لبى النداء أبدا، ولهذا ضرب


(١) سورة النور
(٢) الروم

<<  <   >  >>