فيقدم وزير أعطى أمانة الخلافة والملك، فيوعز الى من لا دين لهم ولا أخلاقا ليتحكموا في أهل دينه فيبيدونهم عن آخرهم، وهذا الصنف من الخونة كثير في المسلمين لا يخلو منهم زمان ولا مكان، وهم سبب الكوارث للمسلمين في جميع العصور لأنهم منافقون لا يؤمنون بالدين، ثم تبين لنا أيضا كيف يخون اليهود والنصارى المسلمين عند اشتداد الأزمة ويؤلبون أعداء الاديان وأعداء بنى الانسان على من عاهدوهم وحموهم وآووهم، ولكن هي الحفيظة الدنيئة تدفع الى الأذن من غير نظر لعهد ولا لأمانة ولا لمصلحة اجتماعية.
لقد دخل التتار حلب الشام بعد بغداد، وذهبوا الى دمشق فاستولوا عليها واستولوا على القلعة بعد مصالحة أحد أمرائهم واسمه (ابلاسان) فقرب النصارى اليه، وهم تقربوا الى هولاكو، قد هبت اليه طائفة من النصارى معها الهدايا والتحف جاءت من عنده بأمان أعطاه لها الطاغية. وكان ذلك وصلا لما بدئ من قبل في بغداد، بل في كل مدينة دخلها التتار ولنترك الكلمة لأبن كثير يشرح ما كان منهم فقد قال:(دخلوا من باب توما ومعهم صليب منصوب يحملونه على رؤوس الناس وهم ينادون بشعارهم ويقولون ظهر الدين الصحيح، دين المسيح، ويذمون دين الاسلام وأهله، ومعهم أوان فيها خمر لا يمرون على باب مسجد الا رشوا عنده خمرا قماقم ملآنة خمرا يرشون منها على وجوه الناس وثيابهم، ويأمرون كل من يجتازون به في الازقة والأسواق أن يقوم لصليبهم، فتكاثر عليهم المسلمون فردوهم الى سوق كنيسه مريم، فوقف خطيبهم فمدح دين النصارى، وذم دين الاسلام وأهله)(فانا لله وانا اليه راجعون).
ولكن أن الاسلام قد استطاع أن يصل الى قلوب هؤلاء المغول فقد كان الملوك من بعد هولاكو مسلمين، وان لم يذق التتار بشاشة الاسلام الا من بعد فترة من الزمن، الحقيقة أن موقف المسلمين من القرآن في هذا العصر ومن بعده مثلهم كمثل جماعه أحاط بهم الظلام من كل مكان، فهم يتخبطون فيه ويسيرون على غير هدى، فتارة يقعون في هاوية وأخرى يصطدمون بحجر، وثالثة يصطدم