الغد، إنه لقول يدير الرؤوس ويزعج مواطن السكينة في قلوب المؤمنين.
أما العلماء المفكرون المنصفون من الأجانب فبحثوه بحثا دقيقا بحيث وضعوه تحت المجاهر الفاحصة، فوجدوه ميزانا. عادلا في الأخلاق والاستقامة والأحكام، والمساواة بين الناس مؤيدا للعقل سائرا على الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها.
الدين مبناه وأساسه على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهو عدل كله ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت من العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى القسوة وعن المصلحة إلى المفسدة وعن الحكمة إلى العبث فليست من الدين في شيء وإن أدخلت فيها التأويلات، الدين عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وآله وسلم أتم دلالة وأصدقها، وهو نوره الذي أبصر به المبصرون، وهداه الذي اهتدى به المهتدون، وشفاؤه التام الذي هو دواء لكل عليل، وطريقه المستقيم الذي من استقام عليه فقد استقام على سواء السبيل فهو قرة العيون وحياة القلوب ولذة الأرواح، به الحياة والغذاء، والدواء والنور والشفاء والعصمة، وكل خير في الوجود فإنه مستفاد منه وخاص به، وكل نقص في الوجود فبعدم الأخذ به ولولا رسم قد بقي منه لخربت الدنيا وطوى العالم، وبه يمسك الله السموات والأرض أن تزولا، فإذا أراد الله سبحانه وتعالى خراب الدنيا وطي العالم رفع الله ما بقي من رسمه فالدين هو الذي بعث به رسوله الكريم وهو قطب الفلاح والسعادة في الدنيا والأخرى.
القانون الطبيعي للأمم هو كل أمة تستعمل ما أتاها الله من قوى الفكر والعقل إلا العالم الإسلامي فإنه اليوم خليط من بقايا موروثة من عصور الظلام بسبب جلب ثقافات حديثة من تيار حركة أوربية، وهي خليط لم تصدر - كما رأينا - عن توجيه، علمي مدروس مبني على أسس أخلاقنا وعوائدنا، وإنما هي مجموعة من رواسب قديمة لم تصف من طابع القدم،