للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقفون عنده ولا يلتفتون إليه ولا يتدبرون آياته، ولا يتلقون بعض ما فيه من الخير والهدى.

والجفوة التي بين المسلمين وبين القرآن الكريم جفوة غليظة مستحكمة، قد تداعت عليها دواع كثيرة أحكمت بنيانها وثبتت دعائمها، فلم يعد بين المسلمين وبين القرآن طريق يصلهم به إلا تلك الطريق الدراسة الطامسة التي تتصاعد منها أتربة وأدخنة تعمي الناظر عن كتاب الله ووجود الخير والحق الذي فيه.

وان حظ المسلمين من القرآن اليوم هو حظهم من مخلفات الآباء والأجداد مما تضمه المتاحف ودور الأثار، يزورونها إلماما، ويطرقونها حينا بعد حين. قد تثير فيهم تلك الزورة نشوة ...

وتبعث فيهم عزة عادية، يقولون إننا نلم القرآن إلماما، ونلقاه حينا بعد حين ونتذكر به في تلك اللقاءات من مواعظ وعظات ثم لا يلبثون حتى تذهب عنهم ما علق بأذهانهم من العظات قبل أن يضعوا المصاحف من أيديهم، والمسلمون في الصدر الأول للإسلام أغناهم القرآن عن كل شيء لا يمدون أبصارهم الى غيره ولا يأخذون لدينهم ودنياهم الا بما يوحى به اليهم علمه وترمى به اليهم آياته وطبيعي أن هذا الذي نقوله عن كتاب الله تقوله كذلك فيها ثبت عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية، إذا كانت السنة المطهرة تطبيقا شارحا لكتاب الله وفي هذا يقول الله تعالى: {وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} - سورة الحشر-.

ولا يستقيم القول بأن القرآن مصدر تشريع إسلامي الا بفهم صحيح ولا يكون هذا الفهم الصحيح السليم الا عن طول تأمل وتدبر لكتاب الله وتذوق لأساليب بيانه والوقوف على بعض أسراره.

وبهذا الفهم لكتاب الله يتحقق لنا أمران:

أولاهما: اتصالنا به اتصالا وثيقا قائما على معرفته، وتذوقنا لجنى طعومه الطيبة هذا مما يجعل تلاوتنا للقرآن تلاوة تؤثر في نفوسنا وتقع على قلوبنا بردا وسلاما ونتجاوب مع آدابه،

<<  <   >  >>