يحارب الجزائريون بمنحه الى غيرهم من الأقطار الأخرى، ويعارض الجزائريين بالقوة في آمالهم ...
ولما عجزت قواته عن إخضاع الثورة تمنى لو يجد أناسا من الجزائريين لم يشاركوا في الثورة ليتفاهم معهم على سياسة التدريج والمراحل ولكنه لم يجد حتى هذه وباء بالفشل الذريع في جميع المحاولات ... هذا السلوك الملتوي المعوج من قادة فرنسا هو الذي وقف عقبة كأداء في سبيل التفاهم والسلم الحقيقي.
وإذا نظرنا الى ما تحتله الجزائر في الأوساط الفرنسية من المكانة المرموقة لعل نلتمس العذر لهؤلاء القادة، فأي حكومة كانت تستطيع أن تبت في القضية الجزائرية بدون موافقة الأحزاب، وبصفة خاصة أحزاب اليمين المتطرفة؟ ولهذا كلما تشكلت حكومة تخشى من المسؤولية إذا هي أعزمت الحل بدون رضى الأحزاب. فكانت تخشى من نشوب حرب أهلية، ولما لا تجد مخرجا من هذا المأزق تقدم تسليمها وتغادر الحكم، وتترك الحالة كما هي، وهذا ما وقع فعلا، فالمعمرون وأحزاب اليمين وقادة الجيش ثاروا على حكومة فيملان لما عزم هذا على المفاوضة مع جبهة التحرير الوطني. وكذلك الجنرال ديغول لما صمم على حل القضية ثار عليه قواده والمعمرون في الجزائر.
وفي النهاية بدأ الشعب الفرنسي بصفة عامة، والمسؤولون بصفة خاصة يدركون مطالب الشعب الجزائري، وأهميتها الكبرى واستماتتهم في سبيلها، وتحققوا من أن الشعب لا بد أن يصل الى حقوقه عاجلا أو آجلا، وسيصبح عربيا مسلما لا كما تدعى فرنسا بأنه قطعة منها واستعمال اللقوة لن يجدي شيئا ...